بعدَ موسى وفرعونْ
يوشعٌ والفتحُ المأذونْ
جاءَ زمنٌ خبا فيه الإيمانْ
وفاضَ الكفرُ بعبادةِ الأوثانْ
فبعث الله إلياس نبيًّا ليُضيء طريقهم.
في قومٍ نقضوا العهودَ والميثاقْ
وتنكروا لدينِ أنبيائِهِمِ بنفاق
صوتُ التوحيدِ فيهم قدْ خَبا
فجاءهم إلياسُ نبيًّا، كنورٍ بدَا
ليُزيلَ ظُلمةَ قومٍ لبَعلٍ تعبُّدا
وأتى الرد الإلهي حاملاً بصيرة الحق.
فناداهم برفقٍ لا جَفا
وبآياتٍ من الرحمنِ تُتلى صفا
فما زادوا إلا إنكارًا، ولا اتعضوا
بدعوةِ التوحيدِ، والنبيُّ لإيمانِهم رجا
قال تعالى:
﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ، أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾
ـــ [الصافات: 123 - 126]
لكنهم أعرضوا عن الحق ورفضوا الإنذار.
قليلٌ آمنوا، وكذَّبَ الجمعُ الغفيرُ
وكانَ النبيُّ الصالحُ فيهم نذيرُ
لكنهم للحقِّ ما جنحوا
فكان الوعيدُ، سوء المصير
أغلقتِ القلوبُ، وسُدَّ الرجاءُ
عدا من آمنوا، وسمعوا النداء
إلياسُ نبيهم، ولدعوته منقادون
يقينُ توحيدٍ كانوا له ناصرون
قال عز وجل:
﴿فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾
ـــ [الصافات: 127-128]
رحل إلياس بعد بذل الجهد، تاركًا قومه في ظلال الغفلة.
مضى إلياسُ على خُطى السَّلَفِ
والقومُ في الكفرِ، ما اختلفوا
على أسلافِهمْ ساروا، ضلالًا وائتلفوا
ضدَّ نورِ الهدى، بإشراكٍ غاسقِ
يسجدونَ لبعْلٍ، وينسونَ الخالقِ
ثم جاء زمن النبي الصالح اليسع.
مضتْ أيّامُ النبيِّ الصالحِ المؤمنِ
رابطَ الجَأشِ، صادقَ العهدِ، مُؤتَمَنِ
في قومٍ غشِيَ الكفرُ فيهم عَتَمِ
ليُشرِقَ فجرٌ جديدٌ، بنورٍ صافٍ مُلْهِمِ
زمنُ اليسعِ، النبيِّ البَلسَمِ
وقد ذكر اليسع في القرآن الكريم مع عدد من الأنبياء.
اليسع
ذُكرَ اليسعُ في الفرقانِ،
نبيًّا عاليَ الشأنِ في سورتينْ،
معَ إسماعيلَ الذبيحِ، مرتينْ،
وذا الكفلِ ولوطٍ النبيّينِ،
ويونسَ ذي النونِ في القرآنِ.
قال تعالى:
> وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ
[الأنعام: 86]
وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ
[ص: 48]
وحان أمر الله، فلبّى اليسع النداء
كان أمر الله محتومًا
مضى اليسع لقاء ربهِ
ترك قومه بعد دعوتهِ
لنور جديدٍ يأتي بعدهِ
وتتوالى الرسالات رغم عناد قوم بني إسرائيل.
وتتوالى الرسالات...
وقومُ بني إسرائيلَ في عنادْ
بينَ إيمانٍ وارتدادْ
قتالٌ بينَ الأسباطِ، وجهادْ
فبعثَ اللهُ فيهم نبيًا جديدًا
يدعو إلى الحقِ والتوحيدِ
طلب القوم من النبي ملكًا لقيادة الجهاد.
فطلبَ القومُ من النبيِّ المرسولْ
أن يجعلَ فيهم ملكًا مسؤولْ
ليُجاهدوا، وتُقرَعَ الطبولْ
يسترجعونَ هيبتهم، والركبُ خيولْ
قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
ـــ [البقرة: 246]
واختار الله طالوت ملكًا، رغم اعتراض القوم.
طالوت! الملكُ غيرُ المأمولْ
أنكرهُ القومُ لضعفِ النسبْ
لكنَّ اللهَ لا يُخطئُ في السببْ
قال عز وجل:
﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا﴾
ـــ [البقرة: 247]
وهب الله طالوت القوة والعلم.
اصطفى اللهُ طالوتَ حاكمًا
على بني إسرائيلَ قائمًا
أتاهُ اللهُ القوّةَ والعِلمْ
ففاقَهمْ فضلًا، وحُسنَ فهم
فكانتْ آيتُهُ رَدَّ التابوتْ
رمزَ العهدِ، وسَكينةَ الثبوتْ
قال الله تعالى:
> ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾
ـــ [البقرة: 248]
وحين دقت طبول الحرب، كان داوود بجانب طالوت.
دقت طبول الحرب بنداء
على رأس بني إسرائيل طالوت
يقابلهم جيش الجبار جالوت
سيف الظلم ورمز الكبرياء
وكان داوود مقاتلاً شجاعًا.
فكان داوود مقاتلاً مع طالوت
شجاعاً، ناصراً للحق جاء
قضى على القائد الجبروت
بإذن الله ونصرته، قتل جالوت
قال عز وجل:
﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ﴾
ـــ [البقرة: 251]
وهكذا بزغ عهد داوود الملك والنبي الحكيم.
فانبثق النور من داوود الحكيم
بدأ عهدُ الملكِ، والنبي العظيم