بينَ رؤيا فرعونَ الآسِرَةِ،
وولادةِ موسى الطاهرةِ،
أُلقيَ في اليمِّ، والعيونُ حائرةٌ،
تبكي رضيعًا في يدِ الجبابرةِ.
رؤيا عرشٍ زوالُهُ بولدٍ،
من بني إسرائيل إن وُلدَ،
فبطشَ الملكُ نسلَهم وحصدَ.
نشأَ موسى في القصرِ مُطمئنًا،
في كنفِ عدوٍّ لله جاهلا.
طغى البطشُ، واستفحلَ الظلمُ حولًا،
فصارَ العدلُ بالقتلِ جدلًا.
همَّ أن ينصرَ حقًا مستكينًا،
فأخطأ، وكان فعلهُ زللا.
في خطى رجلٍ هاربٍ، يحمل ذنبه ويغسل قلبه بالدعاء، تبدأ رحلة جديدة نحو التكوين والهُدى.
موسى...
فكان أن وصل بئرَ ماءٍ،
قربه، امرأتانِ في حياءٍ،
تردانِ القَطعانَ صبرًا،
ينتظرن سقيَ الرُعاء.
سقى لهما، والجسدُ ضورًا،
عطفًا بهما، لا يرجو جزاءً.
أتوا أباهم بخبرِ الأمينِ،
كان شيخًا كبيرًا عاقلًا،
فقالوا: لقينا خيرَ المُعينِ،
فطلبه خادمًا وبعلًا،
والصداق أجرُ عملٍ سنين،
فأوفى صداقه وزاد فضلاً.
> قال تعالى:
﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشَرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾
(القصص: 27)
تكتمل صفاتُ النبوةِ في موسى، ويبزغُ نورٌ جديدٌ يُضيءُ الدجى.
رعى الغنمَ كسائرِ الأنبياءِ،
اكتسبَ الرأفةَ والحلمَ،
وتجلّتْ له قدرةُ اللهِ في السماءِ،
فامتلكَ القوّةَ والحزمَ،
وكرمَ البدوِ في الصحراءِ.
كانت سنواتُ سكينةٍ،
وقارٍ، وزوجةٍ حسينةٍ،
حتى جاءَ وقتُ العودةِ،
إلى مصرَ الحصينةِ.
خرجَ مع عائلتهِ مسافرًا،
نحوَ جذورهِ للصحراءِ عابرًا.
وصلَ موسى جبلَ الطورِ،
في ليلٍ أدهمَ زمهريرُ،
رأى نارًا على الجبلِ تُنيرُ،
سارَ نحوها، والقلبُ بصيرُ.
> قال تعالى:
﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾
(القصص: 29)
فكان وحيُ اللهِ حقًّا،
ونادى موسى لما استحق،
نورُ الهدى في العين أشرق،
ودليلُ الإيمانِ في القلبِ انبثق.
> قال تعالى:
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
(القصص: 30)
فَـكَانَ مُوسَى النَّبِيَّ: كَلِيمَ اللَّهِ."