قصة حقيقية من واقع الحياة حدثت لي وأنا
أتابع جنين بيضة لأحد الطفيليات في معملي.

شهيدٌ تحت عدسةِ الميكروسكوب.

مبتسمة أنظرُ في العدسة
لبيضة صغيرة متجانسة
ما هذا ؟! آه بداخلها جنين
هلاميٌ حسنُ التكوين
ميــــــــت ! أو ربمــــــا
هو نـــائمٌ مستكـــين
كتلـــــــةٌ شفافة متناسقة
هلاميـة لكن متماسكة
في وسطها بقعةٌ داكنة
تظهر لي كعينٍ واحدة
منقبضـــةٌ لكن ساكنة
وكأنها تخشع ساجدة
سبحان المبدع إذ أبدع
وتفنن في الخلق وأروع
يفتح عينَه كي ينظرني
يرقُص.. يتمايل.. يغازلني
يرتعشُ قلبي وهو يخفق
يتراقص وجداني ويُورق
ما بالى أُحسك تأنس لي
تتمطى .. تسبح .. تنظرلي
لكن .. لابد لحقنك بمثبت
يحفظُ بنيانك لا يفتُت
لتراك الدنيا ولتعلم
قدرة خالقنا الأعظم
لا تخشى اللحظة لن تألم
ستسيلُ كبسمةٍ على مبسم
في يميني المحقنُ يتلوى
بيميني أقتلُ من أهوي
تنساب المادةُ كالثعبان
تتوغلُ في وليدي كالشيطان
ينتفضُ وليدي وهو يرعُش
تحدقُني عينُه .. لا ترمُش
يرتدُ بصري كالملسوع
تتقافزُ من عيني دموع
تركُلني وتصرخُ مبتعدة
تتقيأُ على أرضِ الغرفة
جدرانُ الغرفةِ تتمخضُ أشباح
تتوعدُني وتصوبُ للرأسِ سلاح
رقاصُ الساعةِ لا يهدأ
رقاصُ الساعةِ كالمهبول
يتمرجحُ فوق حبالِ الوقت
وأمامي يُقرفصُ كالمسطول
نبضاتٌ في قلبي تَعوِي
تفرُ وتعدو .. لا تَلوِي
يسحبُني نظري للعدسة
فيجحظُ منى ملتاع
آه .. صغيري واضحٌ كالشمسة
يرسمُ لى في العين وداع
يُرسلُ لي من عينهِ بسمة
فتُعانق لوعي كالنسمة
عذراً .. حالُك حالُ كل شهيد
تموتُ وليدي .. ليحيى جديد
أنت ككلِ الشهداء
يموتوا والبسمة في الأحداق
يشعوا في الكونِ ضياء
ليُعيدوا رسمَ الآفاق

عذرا شهيدي ألف عذر ..
أنت تموت..
وأنا أموت ..
والكون كله يموت ..
ويبقى الله ..
حي باق ..
لا يموت .


الوردة السوداء