الحرية في قصر
بقلم : مأمون المغازي
( *** كيف فعلتها ؟! ، بهذا يكون الرجال .
اندفعوا بقوة نحوه يريدون عنقه الثمين ، دخل لُجةِ الظُلمة ، غاصَ فيها ... يعرفُ مسالكَ الحُلكةِ ، ومزالقَ الفرارِ ، أصرَّ أنْ يصلَ إلى هناكَ ، كانوا فرقًا أربعة ، كل فرقة كأنهم زبانيةُ الشيطان ، يشهرون هراواتهم ، تسللوا إلى الظلام ، يهيمون في مساحاته الشاسعة .
ـ عجيب هذا الأمر .
ـ كيف يختفي في اللاشيء ؟!
ـ ( ابن جنية . )
ـ( جتتي مش خالصة يا بني آدم . )
وبصفعة مفاجئة ألجمه عن الكلام .
كانت اشباح الظلام أقوى منهم ، كانت تخيفهم ، تحوم في مخيلاتهم وكأنها في الواقع .
تلاقوا في نقطة واحدة على غير مُقدر ،إلا أن أحدًا لم يجده ، ساد بينهم الهرج والمرج ... تبادلوا قلة الأدب التي حفَّظهم كبيرُهم سِفرها القديم ، ونقحوه بعهدهم الجديد .
في خفة الريح تسلل إلى السور عند حدود الظلام ، لا بصيص ضوءٍ في المكان .
من شجرة إلى شجرة مارس كل خبرات القردة حتى وصل إلى أسوار السطح ، كان ينظر من هناك ، يتفحص ... يتأمل ... يتيه ... يمتدح نفسه ، يلعن جنونه ، يقسم ألف قسم ، يعقد الف اتفاق . تسلل عبر الدرج ينحدر إلى منطقة كأنها بستان من بساتين الجنة . الجداول تنساب في رقة النسيم عبر أسيجة من الزهر تنعكس ظلالها على صفحة الماء مع خيوط الأضواء البيضاء المنبعثة من قناديل معلقة في أغصان شجيرات مثمرة فاكهةً وقناديلاً .
مازال يبحث عنها ، وقد أقسم أن يجدها ، ووعد بأن تكون ... ، وأن يكون ...
تجلس عند نافورة إغريقية الطراز مرتكزة على قاعدة حجرية نقشت عليها صور أيزيس وأوزوريس ، وكان حور ـ على غير العادة ـ ينظر إلى فوق ، كانت أفروديت تسكب الماء في طست نقشت فيه أبجديات يحويها رسم حرف ( نون ) . مازال الماء يسمع همسها لسوارها بحزن يتدفق من عينيها شامخًا دونما ذلٍّ .
لحظة صمت غمرته ، نظر في ساعته ، أدرك أن الوقت يمر مُسريعًا . جلبة وهدوء يتقاسمان مسرح الحراس العائدين بجثة كلب .
ابتسمت ... مدت يدها ... هجم الحراس ... صمتت الجداول ،والقناديل أغمضت أعينها ... انتشروا في المكان .
لا شيء غير الأساور ... وجثة كلب .

أبريل 2007