ثورةُ روحٍ


في خضم الثورات و الانقلابات، و في أوج صرخات القلوب، و على شاطئ الغربة بعيدًا عن تلكم الضوضاء يعيش قلبي مرحلة جديدة و منفردة بنوعها، اِنقلابات و ثورات بين الروح و العقل لتنحسر طاقة الحب في داخلي، قابلة للإنفجار في أية لحظة. أشعلت من أجل تلك الثورة عمري تأهبًا لكل الاحتمالات..
هو ذات الشيء الذي أعيشه في كلّ لحظة لقاء على عتبات فجرٍ جديد، الشمس تشرق على كلّ القلوب، إلا قلبي أنا غاف تحت غيمة بيضاء لا تفسح لنور الشمس طريقًا ليخترق حاجز البرد و لا بأمطارها تغسل جرح روحي أو تسقي قلبي الملتاع. أيها الرجل الذي تهجّنت روحه ببراءة الملائكة، أما آن الأوان لتنقلب عليك روحي فتنفيك إلى أبعد نقطة في هذا الفضاء؟ أليس لديك مسكنٌ غير قلبي الصغير تمرح فيه و تسرح دون حتى إذن بالإقامة!
في كلّ لحظة بُعدٍ يلفظك عقلي، يبتلعك قلبي رغمًا عني فتغصّ أوردتي بعطرك الذي يملأ مساحات أكبر من حجم الكون و أعمق من حبي لك..
و هو ذات السؤال الذي أسأله لنفسي كلّما أرادت فراقك.. لماذا أنت بالذات تلتصق بأروردتي و تعتصر الحب من قلبي، تنكأ جرحي فتطببه تفتحه فترميه لترديه قتيلا..
لماذ أنت بالذات تتوق إلى جنته حدائق روحي، و تطير نحو قلبه فراشات قلبي، تبحث عن سرّ غيابه إن غاب، و تسأل عن سحرِ حضورهِ إذا ما حضر. لماذا أنت بالذات أموت بصمتك، و تقتلني أكثر بهمسك، لماذا أجوب حول فضائك و حين أجدك ألوذ بالفرار و أكتفي أن أبوح للنوارس عمق جرحي، فأحكي لها كم يحكمني لقاؤك، كم تحييني بسمتك و كم تتأوه روحي وهي بين يديك.
لماذا كلما نسجت على لافتة بيضاء حروفًا تطلب منك الرحيل، و حين هممت برفعها في وجهك أجدها قد ذابت، و تطاير الورد من حولها وصار الحبر شفافاً بل عطراً يشدّني إليك أكثر.
تضامناً مع الثورات أطلب منك الرحيل، فلا ترحل!

منى الخالدي