يـا فُــؤَادًا يَـتـَـنـَـزَّى أَلَــمًــــا
عَــــادَهُ الوَجْـدُ عَتِـــيًّـا فهَـمَا
لَوْ شَهِـدْتَ الصُّبْـحَ في إبَّانـــِهِ
لَعَلِمْتَ الَّليْلُ كيفَ استَسلَمَا
يا فؤادًا عاهَدَ الماضي سُدًى
لم يَـكُـنْ عَـهْـدُكَ إلاَّ كَـلِـــمَـا
وسَـنَـاءً بَـانَ يَـوْمًـا واخـتـفى
لـم يَـكُـنْ مَـعـنـاهُ إلاَّ حُـلُـــمَا
مِثْلَـمَا الشمسُ إذا ما غَـرَبَـتْ
لم يَبِنْ ليلاً ضِيَاهَا في السَّما
إنَّمَا كان المُنَى واستَوْحَشَتْ
بَـعْــدَهُ الأيَّــــامُ لـمَّـا أظـلَـمَــا
يا ضِيَا الأمسِ أما آنَ الضِّيــــا
حَـجَـبَـتْـهَـا اليومَ عَـنَّـا سُحُــبٌ
كُلُّنَا في حُضْنِها اليومَ ارتَمى
فمَتَى النورُ؟ متى نحيى بــه؟
قد سَئِمْنَا الليلَ دومًا مُظلِما
فِـطْـرَةُ اللهِ ضِـيَـــاءٌ والـــورى
طَمَسُوها، وَيْحَهُمْ شَاءُوا العَمَى
عَـذَّبُـونـا بـهَـوَاهُــــمْ، كَــــدَّرُوا
كُلَّ صَفْوٍ، واصْطَفَوْا مَنْ أَجْرَمَا
ونَـسُــوا اللهَ فـمـا يُـرْجَى لَهُـمْ
سَبَبٌ للرُّشْدِ، وازْدَادُوا ظَمَا
جَـعَـلُـوا حَـادِيَـهُـمْ أَنْـفُـسَـهُــمْ
فـأَبَـتْ إلاَّ هَـوَانًا مُـعْـتِـــــــمـا
ما لَهُمْ؟ كيف يُقيـمونَ النُّهَى
لِـهَـوَاهُـمْ مَـظْـهَـرًا أو مَغْـنَمَا؟!
أم يَظُـنـُّونَ النُّهَى حِكْرًا لَهُـمْ
لا ورَبِّي مـا دَرَوْا عِلْمًا وما ...
أم سَبَاهُمْ ظَنُّهُمْ فاسْتَـأْسَــرُوا
لِعُـقُـولٍ دَأْبُـهَـا أن تُـسْـقِـمَـا
ظَـلَـمُـوهَا بنُـفُـوسٍ زَيَّـنَـــــتْ
لَـهُـمُ الكِـبْـرَ، فَزَادَتْ سَقَمَا
يا لِقَوْمِي كيف ضاعوا في الورى
صُـوَرًا مَـنْسِـيَّةً مِثْلَ الدُّمَى
ظَـلَـمُـوا أَنْـفُـسَـهُـمْ ظُـلْـمًا فَـمَا
وَجَـدُوا ما وَعَدَتْ كَلاَّ وَمَا
فـإلامَ الظـلمُ يَـعْـلُـو كُـلَّــــمَــا
أَبَـتِ النَّـفْـسُ هَوَانًا كُلَّمَا!
يــا فـؤادًا يَـتَـنَـــزَّى ألـــمًــــــا
ورأيتَ الناسَ كيف اسْتُدْرِجُوا
لِـضَـيَـاعٍ لـم يَـــزَلْ مُسْتَحْكِما
واسْـتَـجَـارُوا بظَـلُومٍ غَـفْـلَــــةً
غَـاشِـمٍ يُغْـرِي دِمَاءً بالـدِّمَـا
أيَّ شَـأْوٍ بَـلَـغُـوا إلاَّ الأســـى
وافُؤَادِي! واتَّقَوْا مُحْتَكِما
ونَـسُوا اللهَ فما يُرْجَى لَهُــمْ
سَبَبٌ للخير، واقَلبِي! فَمَا
إنَّـمـا الحُـرُّ كَـريـمٌ مـا لَــــــهُ
غيرُ رَبِّ الكونِ عَدْلاً حَكَمَا
ليس يرضى أبدًا ضَيْــمًا ولا
يَرْتَـضِي ذُلاًّ ويحيى مُكْرَمَا
عَـالِيَ الهِـمَّـةِ شَـهْـمًا رَاضِـيًـا
بقَـضَـاءِ اللهِ دَوْمًـا مُـقْـدِمَــا
مـا لـه مِـن غَـفْـلَـةٍ عـن قلبـهِ
إنَّمَا القلبُ لِذِي قَلْبٍ حِمَى
ليتَ لي رُشْدًا فيُحْيِي هِمَّتِي
لَيْتَ قلبي للمَعَالِي قد سَمَا!
يــا فـؤادًا يـَتَـنَــزَّى ألــمًـــــا
لم يَزَلْ في لَيْلِهِ مُسْتَسْلِمَا
لَوْ شَهِدْتَ الصُّبْحَ في إِبَّانِـهِ
لَعَلِمْتَ اللَّيْلُ كَيْفَ اسْتَسْلَمَا