اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد فائق البرغوثي مشاهدة المشاركة
رحاب " الشاطرة " الجميلة الأولى على صفها ، رحاب الشاطرة محتارة ؛ مهندسة أم دكتورة ستصبح عندما تكبر ، رحاب ينبتُ العنبُ على صدرها ، فيخرجها والدها من المدرسة ، رحاب تبكي ، رحاب الثائرة الآن في حضن عريسها الكهل . رحاب ينتفخُ بطنها فتنجب مولودةً أنثى ، يسميها أهلها عائشة ، وأنا أسميها رحاب .
رحاب الشاطرة الجميلة الأولى على صفها ، رحاب الشاطرة محتارة ؛ مهندسة أم دكتورة ...
نص جميل هادئ في سرده ولغته وطريقة تمرير الفكرة للقارئ ، حاول السارد رسم دورة من دورات الحياة ،تتأرجح بين مجموعة من الأحلام ،
ومجموعة من التغيرات التي طرأت على حياة البطلة /الشاطرة /
اتكأ النص على مجموعة من الوضعيات المتسلسلة في حياة البطلة ، كلما انتهت وضعية دخلت البطلة في وضعية مختلفة في الزمان والمكان عن سابقتها .. فقد تتبع السارد نمو البطلة وتقدمها في السن
بإشارات لغوية منتقاة تتناسب مع كل مرحلة عمرية كانت تتسم بالطموح والأمل وتبوء درجة راقية في السلم الاجتماعي .. فكأنها كانت تسطر حياتها في غياب المعيقات التي يمكن أن تجهز على أحلامها المنشودة ..
فتدخل الأب قلب الوضعية ،وأجهز على طموحاتها دون اعتبار لنفسيتها وذكائها وتفوقها الدراسي ..
النص يعري واقعا يتسم بالاستبداد الأبوي ، فسلوك الأب وتزويجها من كهل هو تكريس لمعتقد بائد وقديم و" كلاسيكي " بل يعتبر نوعا من الاغتصاب لحق من حقوق الطفولة ،حرمانها من الدراسة ،وتزويجها لكهل،
بدعوى الحفاظ عليها من الانزلاق وضمان لها العيش المريح لأن الرجل ربما يكون غنيا ، إنه تجارة مربحة للأب ،وتجارة بائرة للطفلة عائشة ..
اختار السارد اسم عائشة للبطلة ، وسماها هوكذلك " رحاب " اختيار لم يأت اعتباطيا ، فالأهل اختاروا عائشة دلالة على العيش المريح ،والحياة السعيدة مع طول العمر ، والسارد اختار " رحاب "
دلالة على الاتساع والرحابة ، والذي يرمزكذلك إلى الفجوة الحاصلة بين البطلة والكهل في عدة أشياء : العمر ،الفكر ، الحركة ،الحيوية ،المشاعر والأحاسيس ،القوة النفسية والجسمية ....
وبهذا يكون قد وظف في النص ساردان يختلفان في الرؤية وزاوية النظر للحدث ، سارد يحكي ويسرد الحادثة كم شاهدها أو عرفها أو عايشها في مجتمعه ،وسارد متهكم وساخر من الحادثة
التي قد تتكرر في الحاضر والمستقبل على غرار الماضي لذالك اختار الأفعال المضارعة " تكبر ، ينبتُ، يخرجها ،تبكي ، ينتفخ ،تنجب ، يسميها ، أسميها ... لتتساوق مع الحادثة التي تتلون
وتتشكل عبر العصور ويبقى جوهر الإشكالية متعدد الأوجه ..
نص جميل جمع بين جودة الصياغة وأهمية الفكرة في تشكيلتها العصرية رغم أنها متداولة لكن جاءت هنا بنبرة إبداعية مختلفة وبطريقة جيدة..
جميل ما أبدعت وكتبت أخي محمد ..
مودتي وتقديري ..