" زاد الدُّموع "

أثَّثْتَ قَلْبَكَ لِلهُرُوبِ مَتَاعَا
وبَنَيتَ وَهْمَكَ فِي مَدَاهُ قِلَاعَا

ورَحَلْتَ لَا تَدرِي رَحَلْتَ أَمِ الخُطَى
ظَلَّتْ تَسِيرُ إلَى نَوَاكَ سِرَاعَا

لَا حُلْمَ يَكفِي قُلْتَ : مِلءَ نُزُوحِهِ
حَسْبُ الأمَانِي أَنْ تَجِيءَ تِبَاعَا

فَقضَيتَ زُهْدَكَ مِنْ سِنِيِّكَ كُلَّهُ
لَمَّا اتَّخَذْتَ كَفَافَهُ أَطْمَاعَا

حَتَّى اسْتَوَيتَ علَى حُدُودِكَ هَامِشًا
تُخْفِي انْهِزَامًا فِي الضُّلُوعِ تَدَاعَى

تَرْتَدُّ مِنْ طَلَلٍ إلَى طَلَلٍ وقَدْ
ألفَيتَ وَجْهَكَ بَينَهُنَّ مَشَاعَا

ويَدَاكَ فَارِغَتَانِ تُبْحِرُ دُونَمَا
جِهَةٍ وتَصْطَحِبُ الحَنِينَ شِرَاعَا

فَأخَذْتَ زَادَكَ مِنْ دُمُوعِكَ خُفْيَةً
كَي لَا يَبِتْنَ بِمُقلَتَيكَ شِبَاعَا

تَخشَى إذَا أَثقَلْتَ حُزْنَكَ أَنْ تَرَى
فِيهِ تخُومَكَ أُتْخِمَتْ أَوْجَاعَا

فَبقِيتَ تَقتَرِفُ الفِرَارَ وَكُلَّمَا
جَاوَزْتَ فَقْدًا مَدَّ مِنهُ صِرَاعَا

مُتَدَثِّرًا بِالخَوفِ تَدْفَعُ مُنتَهًى
مِنْ سَالِفٍ فِي البِدءِ مَرَّ شُعَاعَا

مَا عَادَ يَكْفِي أَنْ تَظَلَّ مُسَافِرًا
بَينَ المَرَايَا كَي تُرَى أَشْيَاعَا

فِي المُستَحِيلِ ..
قَذَفْتَ فُرْصَتَكَ الأَخِيرَةَ
فَاسْتحَلتَ تَلَفُّتًا وَضَيَاعَا

وصَنَعْتَ بَينَهُمَا لِذَاتِكَ دُمْيَةً
لَا تَستَطِيعُ تَحَدُّثًا وَسَمَاعَا

حَتَّى أَعَرْتَ " أَنَاكَ " صُورَتَهَا وقَدْ
وَضعَتْكَ فِي وَجْهِ الجُمُودِ قِنَاعَا

فمضَيتَ تَقصدُ فِي الهُوِيَّةِ آخَرًا
صَارَ الرُّجُوعُ إلَيكَ مِنهُ وَدَاعَا ..!