"شجرُ التِّذكار"

تفيَّئي مِنْ ظلالِ الحبِّ أشجارَهْ
وساومي قلبَ مَنْ أدمنتِ أشعارَهْ
ولْتقرئيهِ على شَطرينِ ما عرَفَا
شَكلَ القصيدةِ حتَّى تدخلي نارَهْ
قولي لها كيفَ أضحى في السُّطورِ صدًى
ولمْ يَزلْ صوتُهُ يقتَّصُ آثارَهْ
وكيفَ مرَّ وحيدًا مِنْ هوامشِهِ
وكلُّ حرفٍ مَضَى يستلُّ أوتارَهْ
فإنْ قطعتِ حروفَ الشَّكِّ فالتَمسي
شفاهَهُ وهْيَ تُلقي عنهُ أوزارَهْ
حتِّى إذا بسَطتْ كفَّيهِ قافِيَةً
ضُمِّي إلى كُفرِها ما قالَ كفَّارَةْ
فلا تَلومِي الشَّجِيَّ المُستَهامَ وَإنْ
جَاوزتِ دُونَ بلوغِ الحُبِّ أقطارَهْ
ولا تظُنِّي بهِ وصلًا وقدْ جرَحتْ
يَداكِ في حلقهِ بالزَّيفِ مزمارَهْ
لنْ تَجمعِيهِ وإنْ أَلفيتِ صُورَتَهُ
تُعيدُ فوقَ حُطامِ البَوحِ إعمارَهْ
ما جاءَ إلَّا لأنَّ الفقدَ صيَّرَهُ
شِعرًا فأطرَقَ في الأبياتِ أقدارَهْ
فَمدَّ أوزَانَهُ في البَدءِ مُقتفِيًا
صوبَ النِّهايَةِ وجْهًا ضلَّ أطوارَهْ
وعَادَ مِنْ أمسِهِ يَجري بهِ شَغفٌ
واليَأسُ ينشبُ في الأضلاعِ أظفارَهْ
وقدْ أثارَ بلا قصدٍ محاجِرَهُ
لمَّا رَمى في سُكونِ الدَّمعِ أحجارَهْ
بكَى بكَى ، كيفَ لا يبكِي وأحرُفُهُ
أجرَتْ على شجَرِ التِّذكارِ منشارَهْ
وأينَ يُخفي بهِ مَا ظلَّ يحملُهُ
ومَا سِوى قحطِهِ يستَفُّ أمطارَهْ
الشِّعرُ والحبُّ مقرونانِ بينهُمَا
دَربٌ طَويلٌ ومَا أكمَلتِ مِعشارَهْ
هذي قصائدُهُ لا حُبَّ يسكنُها
وإنْ دَخلتِ بِها مِنْ قَبلُ مضمارَهْ
نَعمْ أحبَّكِ لكنْ في الخُطى انْدثَرتْ
خُطاهُ منذُ طَوى في البُعدِ أسفارَهْ
فسجِّلي حضَرَ المنسيُّ حِينَ أتَى
قصيدةً لمْ تُطِقُ في الشِّعرِ إحضارَهْ