وقف والباب من خلفه، يتفحص الوجوه التي تمر أمامه. التقى وجهه بوجهها،
جمعتهما سحابة ماطرة بالشوق والحنين. أزهرت الكآبة في نفسه،
سارع لتشتيتها قبل أن تتسع.
ثوان، سمع ظلّه يوزع صراخه بين جدران المنزل.
أحـس أنه تعرَّى من ثياب الماضي.
وجهة نظر» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» مورد» بقلم د. وسيم ناصر » آخر مشاركة: د. وسيم ناصر »»»»» هكذا الأيام» بقلم ميسر العقاد » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» بانتظار غودو» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» الطول في الإسلام» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نصح وهجاء» بقلم محمد محمد أبو كشك » آخر مشاركة: لطفي الياسيني »»»»» شعر عماد الدين الباشا... انا السوري» بقلم عماد الدين الباشا » آخر مشاركة: لطفي الياسيني »»»»» رائـحة العشق» بقلم الفرحان بوعزة » آخر مشاركة: آمال المصري »»»»» وَشَائِجُ الرُّوحِ» بقلم آمال المصري » آخر مشاركة: آمال المصري »»»»» آية يفهمها الناس خطأ ليثبتوا حرية الدين في الإسلام» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»»
وقف والباب من خلفه، يتفحص الوجوه التي تمر أمامه. التقى وجهه بوجهها،
جمعتهما سحابة ماطرة بالشوق والحنين. أزهرت الكآبة في نفسه،
سارع لتشتيتها قبل أن تتسع.
ثوان، سمع ظلّه يوزع صراخه بين جدران المنزل.
أحـس أنه تعرَّى من ثياب الماضي.
وقف والباب من خلفه.. وكأنه على عتبة انتقال يحاول إغلاق الماضي وذكرياته
وما مر به من أحداث وأشخاص
حتى يلتقي وجهه بوجهها فتتفجر بينهما مشاعر من الشوق والحنين لما كان بينهما
ثم تنتشر الكآبة في أرجاء نفسه فيحاول أن يبددها ويتخلص منها
ثوان وسمع ظله يوزع صراخه بين جدران المنزل
يبدو إن ظله هنا يوحي إلى ذاته أو اللاوعي منه يبدأ في الصراخ تعبيرا عن ألم العشق
الذي يشعر به وقد ملأ المكان كله
أحس إنه تعرى من ثياب الماضي .. هو الشعور بأن مشاعره الحقيقية قد انكشفت
بعد ان تعرى من الأقنعة التي كان يختبئ خلفها .
ليدور في دوامة من الصراع بين الماضي والحاضر فهل هو مازال متعلقا بها
أم إنه يحاول الهروب من مواجهة نفسه؟؟
رسمت لوحة دقيقة الملامح لصراع إنسان وألمه بين الرجوع إلى عشقه
أو الهروب منه.
بورك النبض والحس والقلم.
نص فيه من التوهج الوجداني ما يُلجئ القلب إلى صمته، ومن البلاغة الصامتة ما يُرغِم اللغة على الإنصات.
"وقف والباب من خلفه"
بدايةٌ مشحونة بالرمزية؛ فالباب هنا ليس مجرد معبر فيزيائي، بل حدٌّ فاصل بين ماضٍ مغلق وحاضرٍ مفتوح على احتمالات الألم والدهشة معًا.
يقف وهو مشدود كوترٍ، متأهب للقاء، وكأن لحظة الرؤية ليست لحظة عابرة، بل منعطف وجودي.
"التقى وجهه بوجهها"
بكل اختزال، تُمطَر اللحظة بالحنين دفعة واحدة،
وكأن الزمن أوقف عقاربه احترامًا لتلك الومضة.
"جمعتهما سحابة ماطرة بالشوق والحنين"
السحابة هنا ليست سماء، بل ذاكرة عالقة في الأفق،
والمطر ليس ماءً، بل دموع قديمة تتساقط من الذاكرة ذاتها،
فـما أغزر الشوق حين يهطل من عيون الصمت.
"أزهرت الكآبة في نفسه"
تركيب يخرق المألوف، إذ جعل من الكآبة زهرة،
تُعلن عن نفسها في حديقة الروح كشيءٍ مزهرٍ ومؤلم في آنٍ.
وهل هناك أجمل من مفارقةٍ تخلط الألم بالجمال؟
كأن الحنين بذرة، والكآبة ثمرتها.
"سارع لتشتيتها قبل أن تتسع"
وهنا، تتجلّى فطنة الإنسان حين يخاف من اتساع الشعور،
كأن الذاكرة قنبلة مؤجلة، يخشى تفجيرها بالاستغراق.
"سمع ظلّه يوزع صراخه بين جدران المنزل"
هنا كانت قمة البلاغة .. إذ تحوّل الظل، ذلك الكيان الصامت التابع إلى كائن صاخب يصرخ ويبعثر آلامه في الأماكن.
إنه تجسيد للشقّ الخفي من الروح،
حين يصرخ القلب لكن بصوت الظل.
"أحس أنه تعرّى من ثياب الماضي"
نهايةٌ مدهشة كأن اللقاء لم يكن تذكّرًا بل تجريدًا،
خلع فيه عن روحه غطاء الذكرى، فوقف أمام الحاضر كـكائنٍ هش، عاريًا من الزمن، لكن مغطى بالوجع.
نصّك اديبنا الكبير لم يكن وصفًا، بل كان تقميصًا للروح، فلبس القارئ حنينك، ومشى في دربك،
وخرج متّشحًا ببعضٍ من وجعك.
دمت مبدعًا
ودام الحرف الذي يعري الزمن، ليُلبسنا شعورًا نقيًّا لا يُنسى.
فائق الاحترام والتقدير