سلام الـلـه عليكم
قراءة سريعة في قصة " شبـــــــــح ...!!
للأديبة الكبيرة صابرين الصباغ
لقد شدّني العنوان كثيرا , وبدأت في قراءة القصة , اتابع ملامح صورة
حيّة , منقولة بعناية وحرص , من مجتمعنا المعاصر , بتفصيلية شديدة
الوضوح , يرسمها بصر وبصيرة نافذين , يتخللها دفقات وجدانية انسانية
سامية , تداعب المشاعر بقوة , وتعبّر عن معاناة اليمة , تفرزها الحياة
المعاصرة , بآلتها الاقتصادية والمجتمعية البشعة :
" رأيت رجلاً يأمر وينهى ,عرفت أنه المقاول ، لم أرتح لعينيه ! شعرت
بالجشع ينام بين جفنيهما ."
ثم نحس من خلال الصور الحيّة , وصفا سينمائيا , للبؤرالسكانية التجارية :
" كل يوم أسمع نفير السيارات , زغاريد النساء , أعرف أن هناك عروساً
احتلت ركناً فى هذا الشبح القابع أمام شرفتى.
تدب الحياة داخل جوف الشبح , أضواء وثريات معلقة , أصوات موسيقى
صاخبةً."
ونقرأ معك مشهد التوجس على نحو غريب , وأنت تسترجعين في مخيلتك ,
وفي مخيلة القارئ , صورة المقاول ذي العينين الجشعتين , مستعيرة صوت
الفحيح , في اشارة الى صفات الحيّة , ومدلولات النعومة في الشكل والملمس ,
والسمّ غائر يقبع في الانياب :
" لكن تذكرى وجه هذا المقاول , كان يقطع صوت الموسيقى يحيلها إلى فحيح ,
يغتال ابتسامات الثريات "
ثم نراك تصدقين الحدس , بقفلة صارخة مؤلمة :
" لكن صوت سيارات الإسعاف , جعل أنفاسى متقطعة لاهثة!!
أهبُ من نومى , أطلُ من شرفتى , أرى الفضاء , قتل الشبح وعاد من جديد!! "
قصة " شبح .... " نص أدبي متميّز بتقنياته , ابتداء من العنوان اللافت ,
الى البناء المشوّق , والسرد الغني المكثّف , والصور النابضة الحيّة , ثم
القفلة الرهيبة , والأهم فالنص يقدّم أدبا قيميا , ويقدّم رسالة , ويساهم
في نشر الوعي .