وفجرِها والليالي العَشْرِ والّلينِ
وجذعِ زيتونةٍ في طورِ سْينِيْنِ
و المورياتِ إذا ما الفجرُ سَجَّرَهُ
في غفلة الليل ميّادُ الأراضين
والصافناتِ إذا ما اجتاحها قلقٌ
يَنْضُوْ سنابكَها شوقُ الميادين
ترعرعت و نقيعُ الحربِ مؤنسُها
فكيف يؤنسُها فيءُ البساتين
كأنما الجمرُ يكوي في حوافرها
وفي أَعِنَّتِها أغلالُ سِجِّيْنِ
تَمَكَّنَ الدمعُ من أحداقِها حَزَناً
أمسٌ تتيهُ به مِنْ حاضرٍ هُوْنِ
تكادُ ترمقُني في طرفها عَتَبٌ
واغضضُ الطّرفَ حَسْراتِ المغابين
أ أنكرَتْكَ ظهورُ الخيلِ أم جَفِلَتْ
وخانَ بأسَكَ منقوعُ الذيافين
وجفَّ نسغُكَ من قيظٍ ألَمَّ به
وأنْشَبَ الجدبُ أنيابَ الخماسين
أم المزن جَلَتْها الريحُ وارتحَلَتْ
وامْسَكَ الفيءُ بعدَ العَهْدِ هارونِ
أنا ابن زيتونةٍ والأرضُ تعرفُني
وليس يرهبني فحُّ الثعابين
تكاد تشرق نوراً والورى ظُلَمٌ
يوري بقابسه من نور زيتوني
في جذعيَ النخلُ يروي قصتي أثلاً
وفي العذوقِ خلاصاتُ المضامين
لو هزَّتِ الجذعَ عذراءٌ هما رُطَباً
و أورقَ السعفُ في قَرِّ الكوانين
كأن مريمَ ذكراهُ التي انتبهتْ
وأبدلتْ قسوةَ الصحراءِ باللين
لم تشرقِ الشمسُ إلا في سَرَعْرَعِهِ
فكيف تغري سدوفُ الليلِ باللين
وكيف ترحلُ عن معنٍ حصافَتُه
وتستفيقُ بلا نبضٍ شراييني
وكيف نمضي بلا نجمٍ نسامرُهُ
وينطوي دونما أقمارِهِ جُوْنِيْ
ويمسكُ النهرُ عن كأسي عذوبَتَه
وكيف تحيا بلا لحنٍ حساسيني
وهل تعيشُ بلا قُدْسٍ مدائنُنا
ودونَ غَزَّةَ تحيا دونَ لِطْرُوْنِ
ودونما شهرزادٍ يزدهي سَمَرٌ
جَزَّتْ ضفائرَها أحقادُ (نيرون)
وسَرَّحَ الليلُ في الأنفاسِ عَتْمَتَهُ
كأنما الصُّبحُ أوهامٌ بمجنون
أكادُ احبسُ عن صدري تنفسَّه
وتحبسُ الصُّبْحَ أنفاسُ الدُّجى دوني
لم يُخْلَقِ الليلُ دهراً سرمداً و غَضَا
في بردتيه شعاعُ الفجرِ يحدوني