
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لمى ناصر
أيهذا الصديق المطوق بالضبابِ والحزن والتعب.. كل الشوارع إلى امتداد..
ووحده هذا الوجع البهي يسافر معك. ولا شيء. لا شيء إطلاقاً يمكن أن يشعل هذا المساء
وكل مساء كالذكريات الممرعة بالحنين..تطيش على غير موعد في سراديب الذاكرة إذ ما
استفزها موال, أو نكشتها تفاصيل الوجع الصغيرة.
يا غريب الآه في أعياد المدينة التي لا تنتهي, تصنع من دقيق أحزانك فرحها, وأبدا
ترتمي في حضن طرقاتها إذا ما جاء المساء وأضناك البحث عن صديقة تتقن نبش الجرح
واستفزاز الآه , وتهديك إذ يفور غياب الأشياءِ حضورها الضبابي, ينفلشُ في جوانية الروح
منك, فلا يتركك إلا صديٌ أمضه الجوع للحظة دفءٍ قاسية يتسربلُ بها, إذا
ما عنَّ للمدينة ان تقيم مهرجان فرحها المتوحش.
ها هو الليل يخطو إليكَ بأقدامٍ شبحية, يعريكَ من نفسكَ وذاكرة النهارِ.. يسحبك حتى
من هديل صوتك,, يسلم قدميك شوارع بلا أسماء. تخبط أحشاءها برفق وحشي
فلا أنت تتعب, ولا هي تستسلمُ,, سادية اعتدتها حتى أتقنتها,,فطوقت بها
أصابعكَ الشاحبة, وعيون الأحبة المغسولة بالحزن الشهي.
أما زلت تبحثُ عن فرادة اللغة؟ بغموضها وعفويتها وضبابيتها وطفولتها
الشقية المحيرة. إذا اغتسل بضوء النهار الذي لا يمنح الدفءَ, وافتح شبابيك القلب لأجمل
الأطفال الذين لم يولدوا, وكن موجة تموت قهرا.. كمداً... عشقاً على سواحلِ لا تحتفظ
بضحكة الشمس عليها أو رشقة الماء.
وهيئ قلبك لليل..ياتي مبكرا , يهبطُ على روحك كثيفا حاداً..اشعل
له الروح موالا وإياك أن تبعثره بالقصائدِ, فهو سيتسقُ من جديد
بحزنها المعتَّقِ, فلا يكون لك إلا ان تحمله في شرايينك, وتغفو وانتَ تُمني النفس
بنجمة صبحٍ تسقطُ على شباكك العتيق.