رغم أني سأشد الرحال مسافرا للوطن بعد سويعات إلا أنني وجدتني إذ قرأت هذه الرائعة أرد عليها تقديرا.
القصيدة عالية الحس قوية الجرس مفعمة بالشعر فيها عدة أبيات يغبطك عليها أعظم شعراء الزمان ، وهي قصيدة تستحق الحفاوة والتقدير فطوبى لك ومرحى لهذا الشاعر الذي حظئ بمدحك الكبير.
ولأنني وعدتك أن أتابع حرفك حتى يستقر في الذرا متألقا متفوقا فإني أستأذنك في أن أشير إلى أهم ما استوقفني في النص تناصحا.
أولا في المقدمة "لم يفيه" بل الصواب لم يفه.
ثانيا وجدتك أكثرت من تدوير الأبيات وهذا مما لا يحسن إلا في بحر أو بعض بحر خصوصا الخفيف.
وله على قرطاسه سجد اليرا
ع وجاءه يسعى ذليلا مُهطعا
لا يمدح اليراع الذليل وإن قدت ذله لصاحبه وأجد أن الأنسبب للمعنى بل وللمبنى لو قلت "مطيعا مهطعا" أسباب عدة لا أحسبها تخفى عليك ومنها أن الذليل والمهطع هما بمعنى يكاد يكون مترادفا ، ثم إن الطاعة تكون عن حب ورغبة ولا تكون عن قهر وإهانة كما الذل ، ثم من أجل الجناس الجميل بين "مطيعا مهطعا".
يأتيك إن هبط الملاك ملبيا
وحي القريحة من سماءك مسرعا
من سماءك .... بل من سمائك.
وعلى ذرى أمجاده ما استيقضت
شمس وآن لنورها أن يسطعا
ما استيقضت ... لعلها من السهو ما استيقظت
لو أن صاحبة العزيز تحسست
كبد المحب بكفها لَتَقَطَّعَا
أجد أن التلمس هنا هو ما يفي بالمعنى وليس التحسس
التحسس هو طلب الخبر بالتصنت والتسمع واتبصر والتلصص وهي مثل التجسس إلا أن التجسس تكون في طلب العورات وما يسيء والتحسس عكسها.
التلمس هو كثرة اللمس باليد تطلب بها هنا هنا وهنا هنا. والتلمس طلب الشيء باليد للرصد أو للحصد.
وتقد ليلا أو نهارا ثوبه
بالشوق من قبل ومن دبر مَعَا
العجز هنا أثملني مبنى ومعنى.
أواه من حاد الحروف إذا شكا
وإلى وصالك بالقريض تَطَلَّعَا
حاد الحروف ... لعلك قصدي حادي الحروف؟؟
يرنو ويجهش بالبكاء كأنه
من فقده أما أهل الأدْمُعَا
هنا خطأ في النحو إن فهمت معنى البيت فأم هنا حقها الرفع خبرا لكأن فالجملة قرأتها هكذا كأن القريضَ أمٌّ.
ثم هناك خطأ لغوي في أهل فالفعل حقه التأنيث هنا ... أهلت
ثم لعلني وجدت أن المعنى يكون اقوى وأوقع لو رسمنا الصورة بشكل أقوى كألأن تقول:
يرنو ويجهش بالبكاء كأنه
من فقده أمٌّ تغالب أدمعا
حتى كأن الشوك إن هبت عليـ
ـه نسائم القلب المتيم أيْنَعَا
حتى وإن أينع الشوك يظل شوكا أيها الحبيب فلو قلت بدل الشوك القفر.
حتى كأن لكل حرف وردةً
تعنى به ولكل بيت مَرتَعَا
توزيع جرسي مبهر ومعنى وسبك رائعين.
وأتتك أفئدة المعاني طُوَّعاً
تنساق فالألفاظ جاءت خُضَّعَا
هنا بيت جميل لولا الترهل بالحشو نتيجة تكرار المعنى.
فأقامك الشعراء في محرابهم
علما وللحرف المقدس مَرْجِعَا
جميل ورائع!
فجعلت قاموس الفصاحة موردا
ونفائس الذكر المنزل مَنْبَعَا
وهنا معنى جميل جدا ودقة متناهية في التعبير!
ومنحت من يهوى القصيدة واحة
غناء يسكنها وحوضا مُتْرَعَا
لعل لي في هذا نصيب!
قد جئت بالعجب العجاب فما عسى
من يأت بعدك عاشقا أن يَصنَعَا
من يأت ... الصواب من يأتي فلا مسوغ للجزم ويخرجك من هذا قولك من جاء بعدك.
فركبت من خيل الفصاحة خائرا
ولبست من حلل القريض مُرَقَّعَا
بل لا أراك إلا فارس حرف واثق قد لبست حلة شعر قشيبة وأنيقة!
بورك حسك وبوركت شاعرا متفردا قادما بقوة وثقة!
دمت بخير وعافية!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي