قـف بالـطلول وجدد فيه ذكرانا واغـمر بـقاياه أشـواقا وأشجانا
والليل إن جن واستشرى توحشه فـاشعل من الدمع والآهـات نيرانا
واجعل أنيسك في جنح الظلام به وحيا يصبُّ إلى الأقداح نجوانا
وناج بالعهد أرواحا مهاجرة علَّ الذي بانَ إنْ ناجيته بانا
هل ياترى يُبعث العشاق في طلل عانى من اليأس والإخفاق ما عانى
إذا نحرت لهم من مقلتيك قِرىً أو قدم السهد في عينيك قربانا
أم أن خدك إن سالت عليه دما عيناك بالوجد لا يكفيك برهانا
ماحيلة الصب إن أودى به كَلَفٌ ولم يجد من كرام الحي سلوانا
حيٌّ كَمَيْتٍ إذا ناداك تسمعه ولا يعيرك لو ناديت أذانا
يروي حديث الذي يهواه متصلا إسناده لوعة تبقيه حيرانا
خانته راحلة والنفس راحلة فهل أضاءت بنور الحب مسرانا
دعواه بالحب لا تخبو وجذوتها إذا تنفس تُذكي فيه بركانا
ياحاديَِ العيس زُرْ أندائهم كرما واصحب رسولي إليهم منك إحسانا
حتى إذا جئت أبواب الحسان لهم مني السلام وذكرهم بقتلانا
ناشدتك الله لا تنسى وصية من يطوي الفيافي يجوبُ البيد ولهانا
يا أيها النفرُ الغادون هل وُئِدَتْ ذكرى تُرَجِّحُ للمتبول ميزانا
مدوا يد العون للمضنى فإن طرقت كفاه بابا سواكم بالهوى هانا
مالذة العيش إن بِنْتُمْ وليس معي مَعْنىً يحيلُ قفار النفس أفنانا
ياجيرة الحي رقوا وارحموا دنفا أهدى له البين بعد الحزن أحزانا
ياجيرة الحي بالعهد القديم خذوا ماظل منا فأن الهجر أوهانا
عُودُوا وَعُودُوا وسدُّوا بالهوى رَمَقِي فالوصل إن حل بعد البين أحيانا
أستنزفُ الصبر إن طال المكوث بنا على طريق به الأغراب تلقانا
ويشرح الحال إن جاءوا مضاربنا دمع صبيبٌ جرى كالمزن هتانا
في عَبْرَتِي عِبْرَتِي والرَّكبُ ليس يرى إلا عليلاً ومجنونا وسكرانا
ياسائق الظعن طُفْ بالدار تلقَ بها فقراً وقفراً وويلاتٍ وحرمانا
هذا نذير فنائي بالفناء ثوى كي ينشر الخوف في أغلال أسرانا
تجتث منا له الأقدار أغنية الـ ـوداع تطوي له أوراق موتانا
قد حَلَّ ماحَلَّ بي إنْ لاح في أفقي من حال بيني وبين النوم أزمانا
لايقصد الحان صادٍ روحه ذَبُلَتْ صدّاً ولوما وإذلالا وإذعانا
ياليت لي جبل آوي إليه إذا ماخاب ياجيرتي في الحب مسعانا
وكيف يعصمني والقطر منهمر والماء يجتاح واحاتٍ ووديانا
ناديت يانوح أين الروح هل ركبت في فلك من حسنه بالخوض أغرانا
ناديت والأفق المجهول يبتلع الـ ـفلك العتيق ويطوي فيه ماكانا
آه على كبدٍ حرى إذا ضَمِئَتْ والفلك يحمل تابوتا وجثمانا
إني زعيمٌ بقلبي إن هُمو كفلوا روحي ولم يدعو الولهان حيرانا
إن حصحَصَ الحقُّ في روحي وفي بدني وَهِمْتُ في ملكوت الله إيمانا
أتلو كتابي ولا أخشى به أبدا ريبَ المنون إذا ما الدهر عادانا
حتى إذا أرسل الأحباب في طلبي يوما أطير لهم شوقا وعرفانا
والركبُ سار على إثري يودعني والأهل جاءوا زرافات ووحدانا
فاصدح بصوتك واعلن للملا نبأي واها على الصب واها حيثما كانا
واجعل وصال الذي تهواه أمنية والصالحين بها صحبا وخلانا
فالمرء يمسي على دين الخليل فكن ممن يخالل في دنياه رهبانا
وإن دعتك إلى الذكرى رياح صِباً تفوح من عبق الأحباب ريحانا
فاحمل متاعك وارحل عنك منك إلى دار يظل بها العشاق شبانا
وإن مررت بداري وهي خاويةٌ قف بالطلول وجدد فيه ذكرانا

شعر/ نجيب الموادم (الباهوت)