السقوط الألف
كالعادة تدثر رغم شدة الحر بفراء الكبرياء وانسل مسرعا كأن لم يره أحد إلى غرفة مكتبه الأنيق متخذا من احتجابه خلف أخشاب المكتب -قاتمة اللون – وعدسات نظارته السوداء السمجة علامة على أهميته وساديته.. .. لم يكن يدري أن مكتبه وجدران غرفته ونظارته عندنا زجاج شفاف هش وأننا أصبحنا نراه عريانا حتى من الفراء
وكالعادة غلف كلماته بلفافات الأوامر
خاطب الساعي: .. يا..
أجابـــــــــــــــه : نعم..
……...................: هات ال.. أنا مشغول جدا
وأكملت نظراته العجلى مفاهيمه المتكبرة وتنحت الكلمات وملأ الصمت المكان أنه يحب الصمت .. يعشقه لأنه يمسك بالقناع
لم يجرؤ أحد على خدش الصمت سوى صرير القلم المتأفف من تلك القبضة الحديدية يئن ويصرخ .. يقطع الحروف .. يئن ثانيا..ثم يعود للكتابة
تظاهر بالهدوء رغم ارتعاشة يده .. انتشى لاعتماده كل الأوراق .. لوى معصمه كالكوبرا المحنطة لمح ساعته الكبيرة بلحظ بصره .. لم يكن يهتم بمعرفة الوقت يقينا ..استدار بسرعة .. تقهقر الكرسي به عدة بوصات وكأنما يستعد لقذفه .. فكر برهة ثم هب واقفا تمطى .. انسل هاربا تحت جنح الصمت .
كنا في طريقه .. حانت منه التفاتة سريعة سابق غمضه فيها بصره حتى لا يسقط القناع وكالعادة لم يلق السلام واكتفى منه بحرف واحد..هو السين.

بقلم /سعد جبر
الرياض 1/5/1418هـ