|
قف يا زمن |
عد في الحياة الى الورى |
بالخطو امض القهقرى |
فهناك كان لنا وطن |
في ظله طاب السكن |
عد لا تقف واطوي تجاعيد الأسى |
وادفن عقارب لحظك الموتور في عتم المسا |
عد يا زمان فقد تعاظمني الوهن |
أخرج لنا من عمق تربك من مضى |
فعسى تعود بعودهم فينا تباشير القضا |
ويعانق الاحباب فينا من تسربل بالكفن |
فتش شرايين القرون عن الحميّة |
أخرج لنا من قد تلفّع من عهود بني أميّة |
أعد السنا فالجسم أرهقه الوسن |
أنفض غباراً قد تراكم من قرون |
أعد الحياة لمن تجرّع في الورى كأس المنون |
ودع الحفائر يا أخا الأعراب تخرج ما اندفن |
بغداد عودي ولتعيدي فيك هارون الرشيد |
قد عاد كلب الروم فلتعد الصوارم من جديد |
هذي الأنوف تزكّمت من خبث رائحة العفن |
الغيمة الحبلى تمخّض من مآقيها الردى |
والقطر فيها للأحبة مثل حبّات الندى |
سيكون منك عجائبٌ فتحدّثي عني غداً |
طوفي هنا ولتنثري جسماً كأطياف الزجاج |
أنّى أصبتِ من البقاع إليّ مرجعُه الخراج |
كانت ومرّت ذكرياتٌ مثل أطياف الوسن |
سافرت في بطن الزمان وراء هاتيك السطور |
فترنّح الجسد المسجّى حين جافته القبور |
هو يا أخي طيفٌ من الماضي حسن |
هو وجه نخوتنا أتى وأطلّ منه المعتصم |
يا أخت هذا الحرّ آتٍ للحرائر منتقم |
من ثمّ دارت في رحى الأحداث دائرة الزمن |
وسمعت بين العاديات أذان منكسرٍ مهيض |
هو ذاك مسرانا وقد قتلوا بعينيه الوميض |
وتلفّت المأسور إذ أضحى هنالك ممتهن |
ما كان الا ساعةً وأطلّ من غده صلاح |
يا قدس قد جاء الفتى ليزيل آثار الجراح |
هذي بشائره إذاً |
وأشحت طرفي ههنا حين انتشى طرف النهار |
فإذا ببغداد الحبيبة يستبدّ بها التتار |
وتتابعت في العاديات السود أسراب المحن |
هولاكو يتبع إثره في غيّه جنكيزخان |
شنقوا العلوم وأهلها بحبال ألسنة الدخان |
قلَب الزمان لأمّتي ظهر المجنّ |
وتنكّبت فيه السبيل فلم تُرى |
إلا متاعاً يستباح لكي يباع ويشترى |
هان المبيع فهان للشاري الثّمن |
سقطت نياشين الفخار وأطفئت شمس الخلافة |
طال المصاب فعن دروب النور باعدنا المسافة |
والمجد في قضبان أيدينا انسجن |
الطفل ألقوا أمه في الأسر واغتالوا أباه |
صنعوا له ثدي الهوان وألقموا بالثدي فاه |
لكنه عاف الهوان وقد أبى منه اللبن |
قوموا وقولوا للزمان فنحن أحفاد الجدود |
الحرّ يأبى أن يُقاد وإنّما هو من يقود |
سنعيد أمجاداً خبت بيد الخوَن |
يا أمّتي الكون يرقب عودة الأسد الهصور |
قومي الى التاريخ هيا فتّشي بين الجذور |
هذي يدي فلنمضٍ للعليا معاً |
أبقي جذور المجد تنمو واقطعي الجذر الخئون |
ودعي فروع الكبرياء غداً تعانقها السنون |
الحقّ جاء فأزهقي ليل الوثن |
من بطن أمجاد الزمان غداً سيخرج خالدُ |
وصلاح والمقداد فالتاريخ فينا الشاهدُ |
بعد المتاهة يا زمان فقد أتينا للعلن |
هذي قوافل مجدنا عادت لتشرق من جديد |
إنّا رجال الليل والميدان يعرفه الشهيد |
ما كان من سنةِ الرّقاد فتلك في الدنيا سُنن |
أما الغداة لنا ومن يدنا سينبثق الصباح |
هذا زئير جحافل الإسلام تهدر في البطاح |
وخنافس الطغيان ولّت حيث فجر الصبح لاح |
في حدّ أسياف القنا فهناك ألسنة صحاح |
من حدّها الترياق يقطُر من تُعانقه استراح |
فتصبّروا سنريحكم ونريحها الأنحاء من هذا النباح |
فارقب خطانا يا زمن. |
 |