۞ إلى مَنْ رَحَلَتْ ؛ لِتـَزْرَعَ في قَلْبـِيَ الأَسَى والـحُزْنَ بـِغَيْرِ اِخْتِـيَارٍ مِنْهَا ولا مِنـِّيْ.
۞ إلى مَنْ تـَمَنـَّتْ بَعْدَ رَحِـيْلِهْا كُلُّ أُمٍّ لَوْ كَانَتْ هِيَ الرَاحِلَةَ ؛ بــِسَبَبِ كَثْرَةِ دُعَاءِ النَاسِ لَهَا وَثـَنَائِهِمْ عَلَيْهَا.
۞ إلى مَنْ أَحْيَتْ بــِمَوْتِهَا القُلُوْبَ، فـَصَحَّ فِــيْهَا قَوْلُ القَائِلِ :
(عَـجَــباً لأَمْــوَاتٍ تـَحْيَا بــِِذِكْرِهِمُ القُلُوْبُ، وَعَجَباً لأَحْيَاءٍ تَمُوْتُ بــِمُجَالَسَتِهِمُ القُلُوْبُ).
۞ إلى مَنْ يُذَكِّرُنِــيْ بــِهَا كُلُّ شيءٍ :
أَذَانُ الـمُؤذِّنِ؛ فَمَا أذَّنَ مُؤَذِّنٌ إلا تـَذَكَّرْتُ تـَسْبـِيحَ أُمِّيْ
وَقِـرَاءَةُ الإِمَامِ؛ فَمَا تَلا إمامٌ آيَةً إلا جَرَتْ دَمْعَتِيْ أَسَفاً عَلَى فِرَاقِ أُمِّيْ
وَنَسِـيْمُ الصَبَاحِ ؛ فَمَا هَبَّتْ نَسْمَةٌ إلا وَجَدْتُ فِــيْهَا شيئاً مِنْ حَنَانِ أُمِّيْ
وَشَمْسُ الأَصِـيْلِ؛ فَمَا أَفَلَتْ شَمْسٌ إلا تَــدَاعَتْ إلى مُخَـيِّـلَـتِــيْ صُـوُرَةُ قَبْرِ أُمِّيْ
وَشـَفَقُ الغُُرُوْبِ ؛ فَمَا احْمَرَّ شـَفَقٌ إلا ذَكَرْتُ سَاعَةَ وَفَاةِ أُمِّيْ
وَرُؤْيَةُ أَيِّ أُمٍّ؛ فَمَا لَمََحْتُ أُمّاً إلا خَفَقَ قَلْبـِيْ حَزَناً عَلَى رَحِـيْلِ أُمِّيْ
وَصَوْتُ أَيِّ أُمٍّ؛ فَمَا سَمِعْتُهُ إلا تَشَوَّفَتْ أُذُنَايَ بـِيَأْسٍ لأَحَادِيْثِ أُمِّيْ
بَلْ كُلُّ هَمْزَةٍ وَمِيْمٍ؛فَمَا مِنْ حَرْفٍ إلا يَنْشُرُ صَفَحَاتِ الأُنْسِ مِنْ حَيَاةِ أُمِّيْ
۞ إلى مَنْ صَيَّرَتْنِيْ :
أَبــِيْتُ عَلَى الذِكْرَى وَأَصْحُوْ بـِمِِثْلِهَا
وَإِنْ نِمْتُ لَـمْ يَبْرَحْ خَيَالُكِ زَائِرِيْ

۞ إلى مَنْ جَعَلَتْنِيْ أَنَامُ عَلَى دَمْعَةٍ، وَأَصْحُوْ عَلَى دَمْعَةٍ.
۞ إلى أُمِّيَ الـحَبــِيْبَةِ _رَحِمَهَا اللهُ_ تـَحْتَ أَطْبَاقِ الثَرَى.
۞ إليكِ يا أُمِّيَ الغَالِـيَةَ _بَعْدَ أنْ أَسْأَلَ اللهَ لَكِ الـمَغْفِرَةَ والرِضْوَانَ_ أُهْدِيْ :

"عـَبْرَةً مِنْ بَحْرِ دَمْعِـيْ"
أُحِبُّكِ يَا أُمِّيْ عَلَى القُرْبِ والبُعْدِ
أُحِبُّكِ يَا أُمِّيْ وَلَوْ كُنْتِ في اللَحْد
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ أَظَلَّ سَحابُهُ
لأَهْمَى بِلا بَرْقٍ يَلُوْحُ ولا رَعْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ مَزَجْتُ رَحِـيْقَهُ
بـِبَحْرٍ لَصَارَ البَحْرُ أَحْلَى مِنَ الشَهْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ سَقَيْتُ بـِمَائِهِ
فَيَافِيَ نَجْدٍ أََوْرَقَ الشِـيْحُ في نَجْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ بَسَطْتُ رِدَاءَهُ
عَلَى القَاعِ فَاقَ الرَوْضَ بـِالعُشْبِ وَالرَنْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ نَثـَرْتُ عَبـِيْرَهُ
بـِدَرْبِ عَرُوْسٍ مَا اشْتَهَتْ عِطْرَهَا الوَرْدِيْ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ نَقَشْتُ حُرُوْفَهُ
عَلَى الصَخْرِ ذَابَ الصَخْرُ مِنْ شِدَّةِ الوَجْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ قَدَحْتُ زِنَادَهُ
عَلَى التـُرْبِ أَوْرَى كَالهَشِيْمِ مَعَ الزَنْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ أَعَرْتُ قَلِيْلَهُ
لِغَيْرِيَ لَـمْ يَكْتُمْ عُقُوْقاً وَلَمْ يُبْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ يَفِيْضُ يَسِيْرُهُ
عَلَى النَاسِ عَاشَ النَاسُ طُرّاً بلا حِقْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَوْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
لَكَانَ كَـطِيْبِ العُوْدِ يَزْكُوْ مَعَ العَهْدِ
أُحِبُّكِ حُبّاً فَاقَ حُبِّيْ أَحِبَّتِيْ
فَلَيْسَ لِحُبِّ الأُمِّ في القَلْبِ مِنْ نِدِّ
أُحِبُّكِ حُبّاً لَـمْ يَرَ النَّاسُ مِثـْلـَهُ
بـِهِ تُضْرَبُ الأَمْثـَالُ في صَادِقِ الوُدِّ
وَحُــبُّكِ يَا أُمِّيْ جَنِيْناً عَرَفْتُهُ
وَأرْضَعْتِنيْ إِيَّاهُ مُذْ كُنْتُ في الـمَهْدِ
أُحِبُّكِ وَالأَحْزَانُ لَيْلٌ يَحُوْطُنِيْ
وَمَا أَطْوَلَ اللَيْلَ البَهِيْمَ بِلا سَعْدِ
إذا غَرَبَتْ شـَمْسٌ ذَكَرْتُ أُمَيْمَتِيْ
وَعِنْدَ طُلُوْعِ الشَمْسِ أَبْكِـيْ مِنَ السُهْدِ
وَإنْ بَزَغَ البَدْرُ بَدَا كَاسِفَ الرُؤَى
تَوَشــَّحَ في هَالٍ مِنَ الـحُزْنِ مُرْبَدِّ
تَنُوْحُ حَمَامُ الدَوْحِ مِثـْلِيْ صَبَابَةً
وَمَا حُزْنُهَا حُزْنِيْ وَلا وَجْدُهَا وَجْدِيْ
فَقَدْ فَقَدَتْ إِلْفاً يُعَاضُ بـِمِثـْلِهِ
وَمَنْ يَفْتَقِدْ أُمّاً فَيَا بُؤْسَ لِلفَقْدِ
ولِلْحُزْنِ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى الفَتَى
عِـيَاناً وَمَا تَخْفَى عَلَى الأَعْيُنِ الرُمْدِ
أَنِــيـْْنٌ وَزَفْرَاتٌ وَغَـمٌّ وَحَسْرَةٌ
وَكُلٌّ عَلَى كُلٍّ مِنَ البُؤْسِ يَسْتَعْدِي
أُحِبُّكِ يَا أُمِّيْ وَمَنْ ذَا يَلُوْمُنِيْ
لِحُزْنِيْ عَلَيْكِ إذْ سَبَقْتِ إلى اللَحْدِ
وَحُزْنِيْ عَلَيْكِ الدَهْرَ لَيْسَ بِبَارِحٍ
بِغَيْرِ جِوَارِيْ مَعْكِ في جَنَّّةِ الخُلْدِ