"الحجاج ... له حسنات مغمورة في بحار ذنوبه"
.
الذهبي


وإلى حجاج كل زمان ومكان ....

.


أَصْلِحْ جُلَسَاءَكَ يَا حَجَّاجْ
.

.
قَالُوا : ....
"حَسَنَاتُكَ فِي بَحْرِ ذُنُوبِكَ مَغْمُورَةْ"
قَالُوا إِنَّكَ كُنْتَ تُعَظِّمُ حُرُمَاتِ اللهْ
قَالُوا إِنَّكَ إِنْ ذُكِّرْتَ ذَكَرْتَ
وَلَكِنْ ...
مَنْ سَيُذَكِّرْ؟!
فَرَّ النَّاصِحُ يَا حَجَّاجُ وَبَقِيَ الْمَادِحُ وَالْمَمْدُوحْ
هُمْ جُلَسَاؤُكْ
قَالُوا إِنَّ دِيَارَ النَّاسِ دِيَارُكْ
قَالُوا إِنَّ الأَمْوَالَ -وَإِنْ كَثُرَتْ- مِلْكٌ لَكْ
قَالُوا إِنَّ دِمَاءَ الْخَلْقِ حَلَالُكْ
أَمَّا أَهْلُ الْحَقِّ فَقَالُوا إِنَّكَ حِينَ قَتَلْتَ ابْنَ جُبَيْرٍ قَتَّلْتَ نُفُوسًا لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللهْ
كَمْ أَلْفَ سَعِيدٍ يَا حَجَّاجُ قَتَلْتْ؟!
كَمْ أَلْفَ هِشَامٍ صَدَقَ النُّصْحَ فَسَبَقَ السَّيْفُ الْعَذْلْ؟!
أَقْصَيْتَ الصَّادِقَ يَا حَجَّاجُ وَقَرَّبْتَ الْكَذَّابَ الأَفَّاقَ الأَفَّاكَ الخَدَّاعَ الْـ ـيَصْرُخُ
-إِنْ أَحْسَنْتَ وَإِنْ أَخْطَأْتَ- : ....
"أَصَابَ الْوَالِي"
وَكَأَنَّ الْنَّاطِقَ حَجَّاجْ
!
أَصْلِحْ جُلَسَاءَكَ يَا حَجَّاجْ
هُمْ أَتْبَاعٌ لِلسُّلْطَانْ
هُنَّ ذُيُولٌ لِلْكُرْسِيِّ
وَهُمْ أَعْوَانٌ لِلشَّيْطَانْ
شَهِدُوا زُورًا يَا حَجَّاجُ
وَقَالُوا : "عَبْدُ اللهِ مُدَانْ"
وَفَرَضْتَ حِصَارًا طَالَ مَدَاهْ
جَوَّعْتَ بُطُونًا كَانَتْ تَأْكُلُ بِاسْمِ اللهْ
وَمَنَعْتَ طَوَافًا كَانَ يُدَوِّي فِيهِ الصَّوْتُ بِذِكْرِ اللهْ
وَضَرَبْتَ الْكَعْبَةَ يَا حَجَّاجُ ...
قَتَلْتَ عِبَادَ اللهِ لِتَقْتُلَ عَبْدَ اللهْ
!
أَمَّا الصَّادِقُ فِي مَنْ حَوْلَكَ فَلَهُ رَأْسٌ أَيْنَعْ
أَوَلَمْ تَعْلَمْ يَا حَجَّاجُ بِأَنَّ سِيَاطَ الْحَقِّ عَلَى ظَهْرِ الظَّالِمِ مِنْ سَيْفِكَ أَوْجَعْ؟
!
أَصْلِحْ جُلَسَاءَكَ يَا حَجَّاجْ
لَسْتَ القَائِدَ يَا مَخْدُوعُ فَهُمْ قُوَّادُكَ نَحْوَ هَلَاكِكْ
هُمْ قَادُوكَ مِنَ الدَّيْجُورِ إِلَى التَّنُّورْ
وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى تَأْيِيدِ قَرَارِكَ كُلُّ وُلاتِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ دِيكْتَاتُورْ
قُلْ إِنَّ ظَلَامَ نِفَاقِ الصَّفْوَةِ قَدْ أَرْدَاهُ النُّورْ
!
أَصْلِحْ جُلَسَاءَكَ يَا حَجَّاجْ
مَجْلِسُ شُورَاكَ الْمَزْعُومُ وَشُورَاكَ الْوَهْمِيَّةُ زَيْفْ
فَلِسَانُ الْمُتَكَلِّمِ إِمَّا فِي لُجِّ نِفَاقٍ أَوْ جَهْلٍ أَوْ خَوْفْ
وَالرَّأْيُ الآَخَرُ دَاخِلَ مَمْلَكَةِ الدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ لَقِيَ الْحَتْفْ
!
يَا حَجَّاجْ
هُمْ مَدَحُوكَ بِوَجْهِكَ
لَكِنْ فِي ظَهْرِكَ سَبُّوكْ
فَاعْلَمْ أَنَّ الصَّادِقَ مِنْهُمْ كَذَّابٌ
وَالْمَادِحَ مِنْهُمْ هَجَّاءٌ
وَالْفَاعِلَ مِنْهُمْ خَيْرَ الْيَوْمِ لِشَرِّ الْمُسْتَقْبَلِ فَعَّالْ
كَمْ خَدَعُوا قَبْلَكَ يَا مِسْكِينُ وَكَمْ خَدَعُوكْ
حَتَّى حِينَ أَخَذْتَ بُيُوتَ النَّاسِ بِسَيْفِ الْبَاطِلِ
بَحَثُوا عَنْ تَبْرِيرٍ حَتَّى أَعْجَزَهُمْ مَا اقْتَرَفَتْ كَفُّكَ
قَالُوا : ...
"هُمْ سَبَقُوا .. لَكِنْ لَوْ جِئْتَ الْبَلْدَةَ قَبْلَهُمُ
لَبَنَيْتَ مَكَانَ بُيُوتِ الأَجْدَادَ قُصُورَا
كُلُّ بُيُوتِ الْبَصْرَةِ مِلْكُكَ يَا حَجَّاجُ
وَكُلُّ دِيَارِ الْكُوفَةِ مِلْكُكَ يَا حَجَّاجُ
وَكُلُّ الأَرْضِ وَكُلُّ الْخَلْقِ فَنَمْ مَرْضِيَّ النَّفْسِ وَبِتْ مَسْرُورَا
لَكِنْ ..
إِنْ ثَارَتْ زَوْبَعَةٌ
.. ضَعْ حُرَّاسًا حَوْلَ الْبَيْتِ
.. وَشَكِّلْ بِالأَجْنَادِ هِلَالًا عَنْ يُمْنَاهُ وَآخَرَ عَنْ يُسْرَاهُ ..
فَشَعْبُكَ قَدْ عَلَّمَهُ الْجُبْنُ الْقَاتِلُ كَيْفَ يَكُونُ صَبُورَا"
!
كَمْ كُنْتُ أَظُنُّكَ يَا حَجَّاجُ بَصِيرَا!
كَيْفَ رَأَيْتَ بِنَافِخِ كِيرٍ حَامِلَ مِسْكْ؟
شَيْخُكَ سَمَّى الْحَقَّ الإِفْكْ
وَتَغَاضَى –ظُلْمًا- عَنْ جُرْمِكْ
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ قَوْمُكْ
فَالنَّاطِقُ يَمْدَحُ بِالْبَاطِلِ وَالسَّاكِتُ شَيْطَانٌ أَخْرَسْ
وَالرَّافِضُ مَطْرُودٌ لَا يَدْرِي ...
كَيْفَ يَعُودُ الْحَقُّ إِذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الأَخْرَسْ
!
أَنْتَ نَقَطْتَ الْمُصْحَفَ يَوْمًا يَا حَجَّاجُ
وَأَنْتَ سَفَكْتَ دِمَاءً رَصَفَتْ لِلْفَجْرِ طَرِيقَا
أَنْتَ نَصَرْتَ امْرَأَةً -قَالَتْ : "وَاغَوْثَاهُ"- بِجَيْشِكَ
لَكِنْ ...
رَمَّلْتَ نِسَاءً .. وَهَدَمْتَ بُيُوتًا ..
وَجَعَلْتَ زَفِيرَ الأَعْدَاءِ لِأَهْلِ الدَّارِ شَهِيقَا
أَنْتَ فَتَحْتَ بِلَادَ السِّنْدِ
وَأَنْتَ حَبَسْتَ الْحَقَّ بِسِجْنِ الْخَوْفِ فَصَارَ حَرِيقَا
أَنْتَ حَفِظْتَ كِتَابَ اللهِ
فَلَا تَسْمَعْ لِلْبَغْيِ نَعِيقَا
الْيَوْمَ نَهَضْتَ لِتَرْدِمَ بِئْرَ ذُنُوبِكَ بِالْحَسَنَاتِ وَلَكِنْ هُمْ مَنَعُوكَ وَمَا زَالَ الْبِئْرُ عَمِيقَا
!
أَصْلِحْ جُلَسَاءَكَ يَا حَجَّاجُ
فَمَا صَدَقُوكَ
وَلَا نَصَرُوكَ
وَلَا تَرَكُوكَ
وَمَا كَانَ الْمَادِحُ صِدِّيقَا
لَوْ صَدَقَ النَّاصِرُ حِينَ ظَلَمْتَ لَقَالَ : ..
"(وَقُلْ ....
... جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقَا)"

.


وائل القويسني