احتضار شاعر
.
.
.

دُوَلٌ هِىَ الْأَيَّامُ .. مَهْمَا تَعْتَـدِى
سَتُرَدِّدُ الأَجْيَالُ مَا خَطَّتْ يَدِى
سَتَمُرُّ أَيَّامِى .. وَبَعْدَ مُرُورِهَا
سَتَرَى قَصِيدِىَ فِى الْقُلُوبِ مُخَلِّدِى
سَتَمُرُّ أَيَّامِى .. وَيَبْقَـى حَافِظًـا
ذِكْرِى يَرَاعٌ مَـاؤُهُ لَـمْ يَنْفَـدِ
دَهْرٌ .. وَبَعْضُ الدَّهْرِ يَدْفَعُ بَعْضَهُ
فَيَجُرُّ أَيَّامِـى وَإِنْ لَـمْ أَرْشُـدِ
فَاجْعَلْ لِذِكْرِىَ يَا صَدِيقِى مَوْعِدًا
إِذْ مَا مَضَيْتُ بِذَا الطَّرِيقِ الأَوْحَدِ
دُرٌّ قَصِيدُكَ يَا جَلَالُ
.. وَمَا بِهِ
دُمْ لِلْقَصِيدِ فَأَنْتَ سَعْدُ بَيَانِـهِ
لَا تَبْعُدَنَّ (بِحَقِّ دِيـنِ مُحَمَّـدِ)
دَاعٍ كَلامُكَ لِلَّذِى يَبْغِى الْهُدَى
وَبِهِ الزُّلالُ لِمَنْ يَرُوحُ وَيَغْتَدِى
فَإِذَا مُدِحْتَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِلَّـذِى
جَادَ الْقَصِيدُ بِهِ وَلَـمْ يَتَمَـرَّدِ
فَلَكَ الْقَصِيدَةُ مَا تَسَارَعَ نَبْضُهَا
وَبِكَ الْقَصِيدَةُ زُيِّنَتْ بِزَبَرْجَـدِ
دَرْبِى وَدَرْبُكَ يَا جَـلَالُ تَوَحَّـدَا
وَالْحُبُّ فِى الرَّحْمَنِ خَيْـرُ مُؤَيِّـدِ
لِى فِيكَ يَا ابْنَ الأَكْرَمِيـنَ هَدِيَّـةٌ
فِى اللهِ طِيـبُ مَحَبَّـةٍ وَتَـوَدُّدِ
فَلَكَ الْمَوَدَّةُ مَا حَيِيتُ .. وَإِنْ أَمُتْ
فَلَنَا لِقَاءٌ عِنْـدَ حَـوْضِ مُحَمَّـدِ
دنَت الْقُلُـوبُ مِنَ الْخُلُودِ بِمَا نَأَتْ
عَنْ حَاسِدٍ أُفْدِيكَ مِنْهُ وَأَفْتَـدِى
بِيضُ الْقُلُوبِ كَمَا خُلِقْنَا لَمْ نَزَلْ
فَقُلُوبُنَا -وَاللهِ- لَـمْ تَتَخَـدَّدِ
صِدْقُ النِّفُوسِ إِذَا تُحَصِّنُهُ الصَّدَا
قَةُ بِالْوَفَاءِ فَمَا لَهُ مِـنْ مُفْسِـدِ
دِفْءٌ لِمَنْ رَامَ السَّلَامَةَ بَيْنَنَا
نَارٌ عَلَى رَامٍ بِحِقْدٍ أَسْـوَدِ
بَرْدُ السَّلَامِ مَحَبَّةً لِمُحِبِّنَـا
وَالثَّلْجُ دُونَ السِّلْمِ لِلْمُتَقَرْمِدِ
عَيْنُ الْحَسُودِ إِذَا أَتَتْنَا بَغْتَـةً
لَنْ تَنْتَهِى إِلا لِبَابٍ مُوصَـدِ
دَامَ القَصِيدُ بِجُودِ شِعْرِكَ عَامِرًا
وَرَعَاكَ رَبُّكَ لِلْقَرِيضِ الْأَغْيَـدِ
وَرَعَى لِوَاحَتِنَا مَحَبَّةَ صَـادِقٍ
نَاءٍ عَنِ الشُّبُهَاتِ مِعْطَاءٍ نَدِى
أَبْقَاكَ لِى خِلًّا يُسَانِدُ خُطْوَتِى
إِنَّ الْكَرِيمَ لِخَيْرِ صَحْبٍ يَهْتَدِى
دَاءُ الْقُلُوبِ -وَقَدْ أَلَمَّ بِأُمَّتِى-
يَهْوِى بِهَا فِى بَطْنِ أَرْضٍ قَرْدَدِ
دَأْبُ الْمِلُوكِ كَدَأْبِ فِرْعَوْنَ الَّذِى
لاقَى مِنَ الْجُبَنَاءِ خَيْـرَ مُؤَيِّـدِ
بَاعُوا سَبِيلَ الْحَقِّ وَابْتَاعُوا بِـهِ
دُنْيَا وَظَنُّوا أَنْ تَدُومَ كَسَرْمَـدِ
نَامُوا بِلُجِّ ضَلَالِهِمْ .. وَتَمَتَّعُـوا
وَدِمَاءُ طِفْلٍ فِى الثَّرَى لَـمْ تَبْـرُدِ
أَبْكِى كَمَا تَبْكِى وَيَبْكِى دَهْرُنَا
وَكَأَنَّ هَذَا الدَّمْعَ أَقْصَى مَرْقَدِى
سَأَمُوتُ مَوْتَ النَّاسِ لَكِنْ بَعْدَهَا
سَتُرَدِّدُ الأَجْيَالُ مَا خَطَّتْ يَدِى
فَاجْعَلْ لِذِكْرِىَ يَا صَدِيقِى مَوْعِدًا
إِذْ مَا مَضَيْتُ بِذَا الطَّرِيقِ الأَوْحَدِ

*القصيدة مهداة لأخى وصديقى الشاعر الجزائرى جلال الصقر وقد كتبت فى سجال ودى بيننا

وائل القويسنى