ضيف أشعبيّ الهوى
شعر يوسف أحمد-فلسطين
25/9/2008
ظن الحياة ملاعقا ورغيفا
ومناسفا أو ماعزا وخروفا
ورأى اللحومَ الناضجاتِ وجاهة
والشورباتِ بجنبها تشريفا
ورأى الولائم في الرحاب كثيرة
فسعى، وكم ترك الإناء نظيفا
قد عاش ينصح بالرجيم معاشرا
كيما "يخمخم" ما رأوه "طريفا"
الناس تأكل كي تُسمّن جسمها
وأراه يأكل كي يصير نحيفا
هو طيّب، والنفس تأمر بالهوى
وهواه أن يلقى اللحوم صنوفا
يختار كلّ وليمة قد سُمّنتْ
ولَكَم غزا جَدْيا يراه نحيفا
يمشي إلى سرب الحمام بهمة
حتى يُنَظِّف ما رأى تنظيفا
وتراه في الأسماك صبّا هائما
وعلى اللحوم الطازجاتِ عَطوفا
أما الدجاج فلا يفضل لحمها
إلا إذا شويت تراه حليفا
ولكم أحب الماء إن طبخت به
باقي الكوراع واشتهى التجديفا
والعظم في كفيه يغدو سائغا
إذ صار بالهضم الشديد شغوفا
فكأن أسنان الفتى سِكّينة
في قطعها تدع العظيم لطيفا
وكأن أضراس الفتى كسّارة
تهوى دقيق الطحن والتعنيفا
وتراه للرز الكثير "مدقمسا"
والسمن ينزف من يديه نزيفا
يا عاذل الضيف الثقيل تمُهلا
"دقموسه" للرز صار مخيفا
احذر فإن هو قد رماك بنصفه
يحفر بجسمك أنهرا وكهوفا
الصيف فصل للولائم عنده
لو كان يقدر ما أراد خريفا
ما فاته عرس ولحم عقيقة
حتى المآتم قد رأته أَلُوفا
ما احتاج يوما دعوة وبطاقة
يأتي ويدعو للطعام لفيفا
هو ضيف كل وليمة لكنه
ما كان يوما في الحياة مَضيفا
لو أن سيفك قد تعهّد لحمَه
سَلْخا وقَطْعاً ما كسبتَ طفيفا
فالشاي في بيت الفتى متعذّر
والماء غلّفه الفتى تغليفا
حتى الهواء يحيطه بسلاسل
كبرى تُكَتِّفُ ضيفه تكتيفا
عبثا تحاول أن تفوز بلقمة
في دار من قضّى الحياة "ظريفا"
فإذا تعشّى في مطابخ داره
قلّ العشاء لكي ينام خفيفا

---------------
أما الدقموس والكمّوس أيضا: فلفظان يقالان في منطقة الخليل لقبضة كبيرة من أرز المنسف المشرّب بالشوربة، يملأ بها الآكل قبضته.( ولا أعرف مرادفا لها في العربية، وعرفت أن بعضهم يستعمل كلمة الدحموس التي نطلقها نحن على حجر بحجم قبة اليد)
وقد رأيت الواحد منهم يفتح كفه الكبيرة، فيملأها أرزا، ويغلق الكف ضاغطا عليها حتى تتيبس ثم يودعها فمه.
وللحقيقة لا أستطيع ذلك، فكأنها مهارة لا يجيدها الكثير.