يا شاعرَ النـــّــــيلِ نفسُ الدّاءِ غالبَنـــي
الضادُ تشكو على الشِّفاه تُحتـــضـــــــرُ
قد فارقتــــــــها من الإهمــــــال حلتُهـــا
وهي التي بجمال النطق تشتــــــــــــهرُ
كانت تجــــــــوبُ لظَى الصحراء يافعــةً
حتّى تغنّت بها الأشـعارُ والعـبــــــــــــرُ
بيضاء كانت صفـاءُ اللفــظ زينتــــُــــها
تأبـــى الشوائــبَ لاينتـــابُها الكــــــــدرُ
بلابلُ الشـــــــــعر في عكاظ قد نسجوا
منها القوافي وفي إيقاعهــــــا الـــدررُ
ما جلـــــــسوا أبداً في صحنِ مدرســــة ٍ
وعلّمــوا الناسَ مَنْ للعـلم يفتــــــــــــقرُ
أعمــــــــى المعرةِ كان النورُ يحســـــده
والمبصرون بدربِ الوهم قد عثــــــروا
هذي الحضــــــــاراتُ كانت خلفها أمــم ٌ
تمضي القــرونُ عليها وهي تــزدهـــرُ
شمـّــاءَ تبقى تباهي الشمسَ ما انطفأت
هذي الصروح يجلُّ حسنَها القمـــــــرُ
كم حاولَ الغربُ أن تُمحى حضارتــُــــنا
وأن تمـوتَ حروفُ الضــاد تندثـــــــــرُ
لكنــّـــــها صمــــــدت في كلِّ معتـــــرك ٍ
اقرأْ زمانَك في جالــــوت ماالتــــتــــــــرُ ُ
راحوا حطاماً بريقُ السيف يلفظـُــــــهم
إلى المـــــزابل لا ذكــــــرٌ ولا خبــــــــرُ
قد وحدتنا حروفُ الضّاد في نســــــــقٍ
أنـّى وقفنا يباري جيشَنا الظفــــــــــــــرُ
واليوم ترثي حروفُ الضادِ أمّتـــَــــــها
مات الضميـــــــــرُ وصار الفعلُ يستــترُ
للشجــبِ صــارت عناويـــــنٌ تزخرفها
وترسلُ الحــــرفَ للمنكــوبِ تعتــــــــذرُ
فالواقــــعُ المُـــرُّ لا التنـــديدُ يُسعــــفه ُ
ولا المعانــــي بجــــدواها ستنتـــــــصـرُ
والشعر ُيسألُ هل في الضـــــاد من خلل ٍ
أمْ نحنُ تهـنا وضاع العـودُ والوتــــــــرُ
إني أعاتبُ في شعري بني نســـــــــبي
عارٌ عليــنا حـــروف الضاد تنـــكـــــسرُ
أترفعونَ من الأسماءِ ما نُصِبــــــــَــــت
أما علمتم بكانَ يُنــــصــــبُ الخبـــــــــرُ
ويخرجُ الحــــرفُ مقتـــولاً بألســـــــنة ٍ
والأذْنُ ينفثُ في صيوانها الخطـــــــــــرُ
إني أعيشُ غريباً بين خارطتــــــــــــي
وأجهلُ اليوم مايــأتي بــــه الحضـــــــرُ
أمُّ اللغــــــاتِ كـــلامُ الله شرّفـــــــــــها
ونحنُ نجهلُ ماجــــاءت به الســـــــــورُ
اقرأْ وذكــّرْ كتـــابُ الله يأمــرنـــــــــــا
من ذا سيـــصغي بحـــق الله يابشــــــــرُ
الضــــادُ بحرٌ إذا في وجهـــها وقفــت
كلُّ البحـــــور تجــــفُّ ثم تنــحســــــــرُ
يا حامليــــــــــــنَ لواءَ العلمِ يا رسلاً
الكلُّ يمضي ويبقـــــى خلفـــــه الأثـــــرُ
هذي البراعم أنتم من تعهـّــــــــــــدها
لا تتركوها بوجــــهِ الريـــــحِ تنكســـــرُ
فماؤُها العلمُ والأخلاقُ تربتـــــُـــــــها
إنْ تُحسنوا الزرعَ يعــــطِّ لبـَّـه الثمــــــرُ
فعلِّموهم فصيــــحَ اللفـــظ ِ لا تَهِنـُـوا
بهم تعودُ عكـــــاظُ الأمسِ والسيـــــــــرُ
أنتَ المعلّمُ ما أبـهـــــــــــاه من لــقبٍ
اســـــمٌ يُجــلُّ بك الأجيــالُ تفتــــــــخرُ
والجيلُ يأخذ من أنفاســـك قبســــــاً
فانشرْ ضياءَكَ عصرُ الجهل يند حـــــرُ
فكن جديراً فلن تنساك ذاكـــــــــــــرة ٌ
يمضي الزمانُ ويبقى أسمـُــك العطــِــرُ