ـ







*
آن السقوط بينهم لاتعبس, وتشد شعرك للوراء من ويلٍ لاتنظر إليهم تود أن تفلت عين رحمة منهم نحوك . آن تَسَوّدَ الواقع بالغيم , و الريح العاصف صارت تحوطك من كل جهاتك , وتتذكر أنك ما عدت قادرا على التكْمُلة لأي قصة تَعِنَ لك , وان العالم كله صار وحشا يلاحقك يود نشب اظفاره بقلبك ؛وقتها دون تردد اخلع قناع التربصُ بالأحداث واخصف على رأسك بلاهة لتمر بك فوق كل هؤلاء , الـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ ظانوك بالغباوة ترزح , وخدّش كل الحلقات الــــ تخطف لهم خزعةً من نخاع أفكارك ,و كلما رأوك ببدنك الواضح اللمّاع , تغفّل بــ تلك النظرة وغرّبهم نحية التكذيب لهم غبّر كل رؤيا يحقدوا بها عليك . وقودك بالأفكار المترهلة التي يسخروا بها منك انتظارا لضربة التي تقصم كل توقعاتهم فيك . لاشك لاشك أن التفكير مرضاً يروه فتصنع العلاج منه أمامهم .


*
وشعورٌ حقيقي الآن انزرع أمام عينيَ ؛ راكضا في شوارع روما , و تحت المطر, تلمه قشعريرة البرد , فيندس مسرعا في دفئ المعاطف , شعورٌ يتلو توراة المطر على صفحة قلبي , شعورٌ يشبه تجمُّعي كليّ أمام عرجونٌ يحمل قطف حكاياغنتها جدتي بجزالة ,هذا الشعور اليشبه سعادتي آن حملني جدي وناولني مالم تطاله يدي من ثلاجة " السوبرماركت من الغازيات الممنوعة منها من قِبل والديّ , أشعر ببرد العلبة ومطر عيني جدي الآن ,
أود البكاء والتنفض من كل هذا البلاء الذي يغتم بي , أود العودة صغيرة صغيرة حتى لا أدرك كل هذا الكون ؛ أن اعود نملا يجري نحو جحوره إن جاءته بساطة الأفكار تنبهه عن كارثة المطر.
تجعله حريصا أن يحمي نفسه من كل هذا العواء الذي يبل سمعي ,اعود صغيرة وكفى بين جنبي جدتي تفل ضفائري وترعى تماديي في نسج الاستفهامات .




*
عبث عبث أن تفكَ ازرار ثياب الآلام, فتتكشف عن أضلاعٍ هابطة من نحولٍ , تبثُ في عينيك حزن المنافي , و تنثر فلفل صراخ الثكالى , وتطعمك مسكنة أم ٍ ؛ تحمل أوراق زوجها المريض "بالكانسر" ليعطفوا عليها ؛ تتكسّرُضعفا وتوددا فقط ليحنوا بها ويصدقوا مصائبها , وعلّها بالذي يفلتوه لها, أن تعقف سبطانة الجوع الموجةِ رصاصاتهُ نحوها وعيالها ,كل يوم يهددهم .
أفٍ للفقر وأعوانه الأباليس .




*
تموت الأحلام على يديها بلا أدنى وجهة نظر تحل ما بها من حيرة , وتأبى إلا تكون ذكرى عثرةٍ , كما نفخات الطفل الآبقة في فتحات الهارمونيكا ؛ كلها عزفٌ عابث, لاتحسن القفلات.





*
كالحزنِ الـــ يتظفرُ في مدى عجوزٍ تجلس قرب نبع الصمتِ والمحيط خالٍ إلا منها , تفلُ ثم تنظم ضفائر شعرها الأبيض نبته والمحمّرةُ سوقه من الحناءِ ,
ترتب نظراتها على مهل أمام سنابل الذكرى التي لعبت بها ريحُ النسيان ,
ولسان حالها يتوهم "علّ اليوم يرحل عله يأتينا بحل , كل شيء مأفون " . حياة تلغيها بكل بساطة , نعم كالحزن في عينيها تلك أصف حزني بك اليوم .






أين السُكّر؟ لساني صارَ مرّاً من الشاي , طعمه حنظليٌ .
ــــ هيه هل أدس حكاية فيه ـ في الشاي ـ حتى تُصدقي أن السكر لا يتقنه ذوق اللسان فقط ؟






*
تدري؟ يوما ما سيحل بنا , ماطراً كالحب , مثلجاً كالآيس كريم بالتوت ؛ تَذَكّره.
سيتدرج على حواف بيتنا قطره , بيتنا الــ قرب الجبل العجوز الذي أتمنى , وأنامله الرطبة تطرق النافذة , والبرد الشقي يرقص فرحا في حضرتنا , وأنا وانت نرقب شغبه وتطفله المزعج نوعا ما وليس سوى أن نتدفئ ونخزه بنظراتنا الساخرة بكل صخبه الطفولي .
هيه أنت يامن نحول جسده يمرضني ـ؛ سأخطف قدمي ساعتها نحو المطبخ وأصنع لك سباغيتي بالصلصة كما تحبها ,وأذرُ ورق الاوريغانو البريْ وريحان فوقه , وساخناً جداً حد أن ينفِّرُ هذا البرد من أضلاعك .


*
يااااجديّ الذي هناك (إلحقْني), يا جديّ طينُ مزرعتك لازال يلوثني بنظافة أتوق لها وريح الثرى الرطيب ينعش أنفي, أينه , كل ذا أين صار واستوى ؟!
ياااجدي إني أبكي زرع الليمون المريض الذي رأيته يتهاوى ولم أسنده , يا جدي إني اود الركض في الحقول , في الرمال دون أن يضحك عليّ أحد دون ان يتهمونني باني طائر الفينيق الذي لم ينجوا من حرب هذا الواقع الكئيب .كلهم كذابون يدعون الصدق , وأنا صدقتهم فكانت بلاغة في التناحة أن صدقتهم وتركوني بعد أن تبينوا غبائي بواقعهم .


//

**

خبؤا العالم عن عيني الصغير.


هذا المدى سكين يجرحنا , نزفنا وشحوبنا صار بادي ولا تخثر يقفل هذا التسرب !
كالتماثيل أظل أذكرهم عينايا لا تطرف.

في الذاكرة وعلى قلبي يمشون , ولايتركوني حتى أظل أشهق بالبكاء!! لماذا يفعلون بي ذلك ؟! أذاكرة الأطفال لاتتملق الحياة وتصف الحقيقة بكل وقاحتها وعريها واضحة حقيقية أم انها تضخم حوافها وتنفخ بطنها فتجعلها رعبا أسودا يمشي؟!عبدالله ذو العشرسنوات الغريق , لازال ظله يظلم بي , وأشهد خلال الزوايا فقط ضوءه جالسا يأكل من صحن العيد وتعلوه هدأة الرجال وابتسامة الحكماء أظنه سيكون شيئا عظيما لذلك مات , وبقي غبار الاطار حول صورته ينتثرُ على رأسي , الصورة لذلك المشهد القديم .

والطفلة التي ضاعت , لازالت تأتيني , أنا لا أذكر ملامحها لا أعرفها لكن كانوا الكبار حولي يتكلمون أن وحشا افترسها لا أفهم عما كانوا يتكلمون أي افتراس هذا؟! أنحن نعيش في سهول افريقيا ؟!يذكرون اسما " الفلبيني" الفلبيني ما راحت عنه .

وابن عمتي , صورته لازالت لا تراوح مكانها وهو بعينين جاحظتين من فزعٍ ــ لازالت والله تمزق قلبي ذو الخمس سنوات كل ممزق ــ وأذكر جبينه الــــــــ يتفصد عنه العرق , ويصف كيف حملوهم أولاءك الذين ماتوا ــ ستة ماتوا في الحادث المروري ــ وكيف جمعوا لحمهم من فوق الاسفلت الساخن قطعة قطعة .



وابراهيم العمره أربع سنوات لازالت تخنقني صورته محمولا وقد سقطت أطرافه , الذي لم يعرف كيف يفتح أبواب السيارة , الذي مات من نار النهار , الظُهْر قتله , ولم أعد أبرح تحرصي كلما خرجنا بأن كل الصغار ماعادوا في السيارة , لازلت لا زلت أتخيله وانا التي سمعت بموته فقط ولم أراه ومتحيّرة أنهم هؤلاء الاموات كيف لهم أن ينسوه .




**
عمرُ ؛يا أمير المؤمنين ؛ ما ظلينا بعدك نخاف تعثر الدواب؛
إن زلزلوا الشوارع , هذا والله ليس مبلغ همّنا , وترفٌ عظيمٌ إن فعلنا , فالناس يا سيدي ... الناس ؛ صارت تعثر بهم الدواهي ولا أحد يهتم لأمرهم .

//

**
سأطفو فوق العالم , مبتعدة عن أعماقه , علنّي أجد السكر بعيدا بعيدا عن سماوته بعيدا عن أراضيه التي قحّلت قلبي , سأرتخي معتزلة له , أود فعلا السكنى قرب الجبل علّه يخبئني عن عين هذا العالم الوحشي .


سأطفو .


//

**

كان الإنزال ناجحا في مطار البصرة هكذا قالها المجرمون !!

أين السكر ؟ بالله أينه ؟ كل شيء حولي مرّ مر, علقمي .حتى دموع "معلمتي النوويةَ " لازالت تسكب المرار في دمي وهي تبكي العراق وتبكي تلويثه بمخلفات (الوقود النووي المنضب) بلا أدنى مبالة بالناس , بالكهول, وبالصغار, بلأجنة, بالعالم هناك الذين يمشون ولايدرون عن البلوى التي أحيقت بها أرضهم الجميلة ,لايدرون عن الماء والشجر كم صار سما , كم صار النخيل ذاك البصراوي سم أزرق .






.