قصيدة في إطار عمل مشترك بين:
ريــم الدراعين ( الأردن )
و حميد العمراوي ( المغرب )

***


عَــوْدٌ على درب البرتقال


أندروميدا!
يا جارةَ الدرب المعصومةَ من ذنوب الأرض
يا مغفـــورةَ الكواكب
بيضاءَ الحقيقة
ما طعمُ التفاح في بستانك؟
و هـــل عليك أرضٌ؟
و هل عليها ما يستحق الحياة؟
أَيُخلفُ الوعــدَ فجرُك؟ أَوَيُخلفْ؟!
و برتقالُـــك..
هل حاولَ يوماً في الخداع
أندروميدا!
اليوم على أبوابك أقــفْ
فــأعدِّي ليَ الأرضَ و السماء
كـــيْ أعـــود..

اليوم أعــــودْ..
و روحي برغم الحجبِ
بصرت بالظنــون
لا يطالُها تَجَرُّم العابثيـــن
و لا يجْرِمَنَّها فسيــحُ العتبِ
يتجافى سمعي عن ضِيقِ الكلام و اللَّمَمِ
أدُسُّ تعبي في طيف نجمــهْ
و ألملمُ نُدْباتٍ سقطنَ من سمائي سهواً
أرتِّـق الجسد مُدامةً و الجوزاءُ شاهدي:
أنا نجمة الجنوب
و لريـــح الشمال الدليلْ..
و هذه الأرض لا تطاول ظلي
إذْ أتنزَّل ودَقـاً من عُلوِّ الغيوم
أنْبَجسُ من مسامِّ الأجــرام
أندفــــعُ ناراً
أصقـل السديمَ الواهــي
و أعيـــدُ تشكيل الدروب
أنتشقُ القــوافــيَ نسائمَ من بحر فضيض
لا المسافات تفلــــحُ إذ تستبـــد بـــــي
لا القِصص تستتـر عن أنوف العابرين
و لا سياطَ للحقيقــــة في دمـــي
كيفَ تَــجلُدنـــي؟
و لا فرشاة لهذا الليل
كيف يبهتنــي؟
أنَّى يحاصرُ النور!

اليوم أعـــــود..
و قد نَفـــواْ للعَوْد كل الدروبْ
فتـــداعــــى جســدي!
وتداعيـــتُ..
حيـــن أخــذوا اسمـي عنـي
و نُــفيــتُ..
حين انتزعـــوا كوخي منــي:
اسمي بخبــز الفجـــر قد عجنـــوه
و كوخي بالبرتقال الرَّحْب عطروه!

اليوم أعـــــود..
لا أهيــمُ على وجَعـــي
و برتقالي من جراحي يفــوحْ
كيف في دمي عتَّقوه؟
يتمخَّض شوقـاً
على أعتاب الفجــر
يؤُزُّ كَـــدَري
يغلبُ العطرَ حَدْوَهُ في الأثر
يسلي الهمَّ يطبِّبُه،
ليس عنه بِوانٍ..
و عن أُرجوانه لا يتـــوه
و خطايَ لو تغشاها المفازاتُ
تُقَدِّر موضعَ القـــدم:
أرومُ نفقــاً لا أخرجُ منـــه،
أخرجُ منِّـــــي
أعــــودُ إلـــيّ
و لو يسقــطُ رأســـي..
أحمله بين يــديّ
أتأمل ملامحــيَ المتعبـــاتِ
و أحــنُّ لجبهتي بلا نـــدوبْ

اليوم أعـــود…
لا طريقَ تُطِــل على ظلــي
و ظلي لو أَرَّقَــهُ حديثٌ عن البؤس
يسَلِّيه خـــدُّ النــدى
والندى ما قُشِّرعن وُدِّ الفراشاتِ
فلا قصائدَ تَعَــضُّ على الصخر
تفتـــحُ حيــزاً يعبــرهُ الكــلام
فكيف و أنا الموغل في الشقوق
لا أصلُ،
لا تصلُ خطايَ
و لا يصــــل الكــلام؟

اليوم أعــــود...
أعصر العطشَ في قَــدَح شـرودي
ألعَــقُ الصّبـر لو هبَّت من فزعها الجــراح
و صراخي لا يواسي نُعْمَى الرجوع
و إذ تحـــنُّ ذاكرتي لخصب الفــؤاد
أطعمها كســـرةً من النسيان
و أمضــــي..
ليكبـــرَ البنفسجُ فــي شهقاتـــي
وأحظى بنصيبي معتقاً من زفراتي
و عيني.. ما لعيني من آهاتي رمداء!
و قلبي.. قلبي ما له من أوتادي شفاء!
و من سهـــادي تنمو نرجساتٌ ســود

اليوم أعــــود...
للكهف البعيــد أعـــود
تزَّاورُ شمسي عن أوجـــار الذئـاب
أفـــــرُّ من ازدحامـــي بالعناويــن
من رَحْـبِ المســافاتِ تضيــقُ بالوصول
من قدم يخرمُ خَطــوُها رملَ الطريق
من خَطوٍ تعثـر في أرضِ المحاق
و هذه صَوَّانةٌ بنــار في التِّيه تُدفئني
تنيـر الحصى،
أعـدُّهُ.. جمراً جمراً
تحت قدميَّ.. و لا ينقضي
و هذا ليلٌ يستحب التكور على نوري
من حيث يأتي يهتكهُ.. لا يبالي
يسمو باللحن صامتا في الأغانــي
يقُــــضُّ في مَهْجَع الكلام
مضاجــعَ اللســان
و في دمــــي تفــور المعاني
فأزعِجُ البــلاءَ… و أغالــي

اليـــوم أعــــود
لم أحـــرقْ سفُنــي في يـــمِّ الجاحدين
وهــذي بارقــاتي حديــــدْ
أذيقُ الموتَ منها.. بعضَ موتِه
أنمــوغُصَّةً في حلقــه
أهيجُ.. أُرْغــي.. أزبدُ.. أستحثُّ الرعود
أعُــدُّ في السماء نجوماً تَلألأُ بالوعـود
أرقُــبُها إذ تأفُـــل و أقطف الأماني
حتى إذا ما تدلتْ كواكـــبُ
تَبغي من نوري جَذوتَها
لا تبغــي السجــــودْ!
تلمستُ ملامحــيَ المنهكاتِ
و صرخـــتُ الآن أعـــود...
و آنَسْتُ ظلي على الطريق
لا يسبقني بعد اليـــوم
و لا يقتفــــي أثـــري
اليوم تُكسَّــر الناياتُ دون قلقـــي
و تهــــدأُ الحياة في صخبي
و تهـــوي حكايــاتٌ
تسربت من شروخ بواباتٍ لا تُغلَـــقُ إذْ أطرقُها
و إذْ تُفَتَّـــحُ فكلها تُفْضــــي إلــيْ

اليـــــوم أعـــــودْ...
لمواسم الزَّهْــر في قصائــدي
للخصْب في كوكــب الأقْحوان المجيـــد
أخلعُ أبوابَ المجراتِ تَتْرى
يتماهى صوتي و السديـم
أمحَـــق الزيـــفَ باليقيـــن
و كواكبُ الرماد خلف خطايَ
يحجُبها الغبـــارُ
يمحُـــوها الصهيــل
كوخي ثابتُ لا ينبري..
و فجــرُهـــم كــاذبُ الإشــراق
و برتقالُهــم من شجــر مريـــب.





أندروميدا!
أيْ جارة الدرب المختوم بالجُرم
تعفرَّ لبَنُه بالدماء
إليك يصَّعَدُ القصيــدُ طاهرا
أثخنته الجـــراحُ
و الخداعُ أضنــاه
كل طائر في سمائك حــرٌّ
و على كل نجم يهدل حمام يبغي السلام
و كــل شاعــر في سمائك طائرٌ
يتغنى بالحب و فسيح الكلام