فوضى الأشواق


كلَّ ليلة؛ قبـل أن أنامَ، أفكرُ جدِّيا في بدائلَ تُسعفني بحلم لستِ فيـه؛ سمعتُ من دعاة قانون الجذب من يقول؛ أن إنجازَ عملياتٍ حسابيةً يُجدي في استدعاءِ النوم؛ لذلكَ أفكرُ في عددِ أصابعي مضروباً في اثنين.. و حين أدركُ أنكِ لستِ معي، أنقصُ منه عشرةً، و أقسمهُ مرةً أخرى على اثنين.. ثم أتأكدُ من صحة النتيجة أصبعاً أصبعاً: خمسُ أصابعَ لكل يــد، و باقي القسمةِ مجموعةٌ فارغــة!... تماما كفراغ هذا الليل من ذاكــرة العطر.
في هذا الوقتِ من السُّهد، أتفادى كل فكرةٍ معقدةِ التضاريس؛ قد أعُــدُّ النجومَ في سماءٍ يحجُبها سقفٌ إسمنتيٌّ، و تُجلِّيها ابتسامةٌ عالقةٌ من زمـــنِ الوصال..
أو أفكرُ في جدوى قدميَّ، ولماذا أشعــرُ أنهما لا تفتران عن المشــي..! و قد أعيدُ عليهما عمليةَ الحساب أعلاه!.. و خارجُ القسمةِ لا يتغيـرُ طبعا؛ خمسُ أصابعَ لكل قــدمٍ، و الباقي مجموعةٌ فارغـــة!... كفراغ هذا الليل من ذاكــرةِ الهمس.
أتقلبُ في لُجَّةٍ من العرقِ المحمــومِ، و أعمِّمُ الحسابَ على أشياءَ لا تخطرعلى بال؛ كأنْ أحسبَ فارقَ الزمنِ بين آخرِ همسةٍ حانيةٍ، و آخرِ كلمةٍ صارخةٍ بالوداعِ المحتوم، أو عددَ زجاجاتِ العطرِ الإصطناعيِّ، التي فشلتْ في مُحاكاةِ نَسمةٍ واحدةٍ من الشَّعر المُعطر بالفطرة...
و في الصباح قبـلَ أنْ أحصيَ ما أثمرتْ عنهُ الخطــة... أجـدُ طيفك يحتلُّ كلَّ الفضـاء، ضاحكا من حمقي، يتوعدني بيوم باردٍ، و ليلٍ آخرَ يتهيَّأُ للحسابِ و العدِّ!!
يبــدو أن فوضى الأشـواقِ أكثرُ فعاليةً من قانونِ الجذبِ!