الفضيلة قمة الأنسانية

لعبادة كنز القوة والحرية فهي امتداد لوجودنا في الرخاء والشدة، انها ترياق لانبثاق نورانية مكاشفة النفس بجلاء كل الهموم، حتى نلتقي في الفضاء بكل انسيابية للأمان، أليست سوى الالتقاء مع الله،في الصلاة أولى العبادات النشوة الروحية، التي لا نمارسها كواجب اعتدنا علية بقدر ما هي اتصال قوي وثابت يشعرنا بالأمان النفسي، كل ما نختمه بدعاء يغسلنا ويضيء النور في وجوهنا، فان لم تكن استمرارية عبادتنا خالصة وصادقة فلن تصل الى السماء، فان الله يعلم ما تخفي وما قبل أن يوجد الشيء، وتبييت النية بكل انسانية لهو اقصى درجات لذة الفضيلة المستقاة من روح الايمان، فالروح ليست مستنقعا هادئا منفصلا لا يحركه شئ سوى عصا الاندماج والتفاعل وليس عصا تعكير ذلك المستنقع، كثيرا ما يحرم الانسان من انسانيتة وجعلها راكدة أليس الا بارتكاب المعاصي والذنوب،لنتساءل كيف لنا ان نميز بين لذة الالتقاء الروحي للعبادة ولذة العطاء بسعي وجهد متناهين؟ ففي الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين، ومن خرج منه أحاطت به المخاوف من كل جانب، ففي عقوبات الذنوب تزيل النعم مهما طال بها الوقت وتحل بها النقم، فكلما كان الانسان بعيداً عن الله كانت الآفات اليه أسرع، كما ان الغفلة تبعد العبد عن ربه، وحتى ان ابتلي العابد الناسك بشتى المصائب، فما هي غير اختبار من رب العالمين على مدى صبره وتحمله،

فكيف نزهو بانسانيتنا ؟ عندما نخلص النية ونستحضر العزيمة ونزن أنفسنا بمثقال الفضيلة ونطهر قلوبنا ونؤجج اشواقنا لمن نحب، ونعلن فرحنا ونستغفر على مابدر منا من أخطاء، ونذرف دموع الندامة، كما نحرص على صلواتنا في التبكير وادراك التكبير والاستكثار من الدعاء، وطول القيام والسجود، ونملأ الثلث الأخير من الاستغفار، ونرطب لساننا بالقرآن، وننهل من مائدة الرحمن، وان نصل رحمنا، والعفو لمن اخطأ، وصلة الجار، التودد لمن حولنا بحسن المعاملة والحب الخالص لله من غير منفعة، البعد عن الأنانية والعصبية، ان نكون كرماء في العطاء، التصدق ورحمة المحتاج، اعطاء كل ذي حق حقه، فلا نظلم ولا نُظلم. وهناك الكثير الذي لم اذكره لجعل الانسان انسانا بافعاله وليس مخلوقا حيوانيا مجردا من كل الصفات الحسنة، صحيح أننا لسنا ملائكة تكتمل انسانيتنا احيانا وتنقص لأي سبب من أسباب الضغوط الحياتية، ولكن باستطاعتنا ان نقدم لأنفسنا الكثير في ظل الايمان الذي يجيش في صدورنا، فبدونه لا نستطيع ان نتحرك، وبه نطرد الشيطان وألاعيبه المغرية.

متى يتحرر الانسان من غرائزه وينطلق من سجن جسده ويتغلب على نزعات شهواته ويتحكم في مظاهر حيوانيته ويتشبه بالملائكة؟ انه في طقسنا الديني الحالي انه شهر الصوم، الذي هو خير من الف شهر، فهو المنهاج الذي يتدرب فيه المرء على تحرير نفسه والانسحاب بها من اسر المادة وظلمة الشهوة، ليحيا في ملكوت الحياة الحق، ويكون له ما شاء من خصائص الخير والفضيلة والحرية، ويزهو بانسانيته لكبح جماح كل المغريات التي تغزونا كل يوم، فلنفتخر بانسانيتنا الحقة بما نحمله من قيم في كل زمان ومكان وليس فقط في شهر رمضان، اعاده الله علينا وعلى الأمة الاسلامية بكل خير، وان يعود علينا بفض الغمة التي تكتم صدور اخواننا في فلسطين والعراق وافغانستان وكل المأسورين المسلمين في العالم.. الله المستعان، وان الله من وراء القصد.

* وقفة شفافة:

* قال:

«وكانت دوائي وهي دائي بعينه

كما يتداوى فاعل الذنب بالذنبِ»

قالت:الحياة مادة، فأين أنت يا مادة الروح المنسكبة في روحي، أضيع في آخر كلماتي جملة غير مكتوبه، جملة فيها كثير من المعاني المتكلمة من غير كلام، لأعيش نصف حياة.