لمن تعزف النجوى ؟
ــ
شعر : علي مصطفى عزوزي
ــ

لمن تُعزف النجوى ورُكْحُ الهوى قفر
فلا أحد يغريه لحـن ولا شعــر

تولى زمان الشعر والتحف الدجى
فحـول كغيث مر جاد به القطــر

وجئت أخيرا من زمانك تدعـي
بأن الـذي ينمـو بمـربعنا زهــر

وما هو إلا من صدى أزمن مضت
كضوء نجوم الليل يعكسها النهر

أحاول أن أنسى من العهد ما ازدهت
به نجمة الساري وما لفه العمْــر

ولكن نفسـي للجمال أسيـــرة
فما مات لحن في القلوب له أسـر

وللدهـر عين قد تجـوس وتختفـي
وآذانـه تصـغـي فليس بها وقــر

فمن كان مثلي هام بالشجو راقصا
على نغمات في الوجود هي السحر

تمكن حادي الشعر مني وشدني
إلى ريشة ظمأى يحاورها الفكـر

فهيَّجتُ أشـواق الفؤاد ونبضَـه
ولم تشف أوراقي الدواة ولا الحبر

أسائل نفسي عن عنائي ورحلتي
وأدري بـأن الشعـر مركبه وعـر

فأهجره حينا من الدهـر سـائلا
شفائي من المولى ويا حبذا الهجر

ويا حسـرة أسلوه حتى إخـالنـي
شفيت ولكن ليس عن قرضه صبر

تقيم القوافي في ليالي محفــلا
وعربدة ما لي على صدها أمــر

أطوّف بالحانات أحسـو خمــوره
وأرشفها رشفا إذا هزني السكـر

وأرقب صبحا من سهادي يفيقني
ولكن صبحي لم يغرد له طيـر

نسيج خيوط الليل وشَّج سكرتي
فليت وشيج الليـل مـزقه الفجر

وهذي سفيني في ذهاب وجيئة
تداول من أيامها المـد والجــزر

فلا هي ترسو في مراسي قصائدي
ولا مخرت فنا يخلـده الدهــر

أراني إذا قدمت للشعـر مهره
قصورا بدت قصرا يطاوله قصـر

تفاجـئـني الأيـام تهـزأ بالـذي
رفعت إلى العليا ولم يرضها المهر

تقول بعيد أنت من مكمن الهوى
فدُرّك في غوص سجا فوقه البحر

وهب أنك استوثقت سرا لغيبه
يفـك من المكتـوم ما حجب الستر

وعانقت ألحان الخليل ولم تحد
عن الوزن حتى لو يباح لك العذر

وطاوعك التغريد ما أنت قائـــل ؟
وهل تُطرب الذكرى التي ملها الذكر


فقلت يعـاد العهـد عطـرا وإنمــا
لكل زمـان من شـذانا له عطـــر


من اللحن مأثور يرجِّـعه المـدى
فتعزف منه النفس ما جدد العصر

*****