سيدة النساء
حَطَّتْ عَلى سَفْحِ الزَّمان رِحالَهَا
واستدرَكَتْ بَين الضَّمائِرِ حَالَهَا
فَرَغَتْ وما مِن قاصدٍ فتصبَّرَتْ
ولَطالما الصَّبرُ اصطَفَى أمْثالَهَا
دُنيا الزَّخارفِ والهَوى عَنْها نَضَتْ
وتزَهَّدت تَرقَى إلى الأبقَى لَهَا
كَمْ قَلبُهَا آوى وكَم قَلبًا رَعَتْ
واليَومَ تُؤوِي قَلبَها ومَقالَهَا
عَزَّ الرفيقُ فشَمَّرتْ عَن سَاعدٍ
وتَوشَّحَتْ ثَوبَ المكارمِ شَالَهَا
تتوسَّدُ الرَّحِمَ التي قَدْ أَنجَبتْ
تَخشَى على مَحمُولِها أحمالَهَا
زَهْرُ الشَّبابِ مَضَى ومَا نالتْ بِهِ
- ومُرادُها نَيْلُ الذُّرا - آمالَهَا
لا مِن قُصورِ عَزيمةٍ لَكِنَّها
عِندَ المغانمِ آثرَتْ أشبالَهَا
كانت بَشائرُ سَعْدِهِم أغْلى لها
ورِباطُها في ثَغْرِهِم أغلالَهَا
حَاكَتْ لَهُم بالقَلبِ أعشاشًا بَطا
ئِنُها الحَنانُ وأَرهَقَتْ مِنوَالَهَا
لَو داعبَتْ رِيحُ الصَّبَا أحلامَهُمْ
أو هانَ في الأيَّامِ خَطبٌ هالَهَا
بَذَلَتْ لِريشِ جَناحِهِم من هُدبِها
لِيُحَلِّقوا في قَلبِها وحِيالَهَا
لا زالَ أولاءِ الطيورُ فُرُوخَهَا
وأُولئِكَ الكُهْلانُ هُمْ أطفالَهَا
عادَتْ تُسامِرُ حَرفَها وتَرُوضُهُ
وتَصُوغُ مِنْ ألَمِ السِّنينَ سُؤالَهَا
تَبكِي الضمائرَ والقُلوبَ إذا صَغَتْ
وتَرَى لِكُلِّ فَضيلةٍ إقبالَهَا
لا يَبْرَحُ الإنسانُ مِن إنسانِهَا
لَو نِيلَ إنسانٌ بِظُلمٍ نالَهَا
تُلقَى لِأفراحِ العِبادِ سَعيدة ً
والهَمُّ في المَهمومِ يَشْغَلُ بَالَهَا
تُزْجِي عِبارَةَ وُدِّها بَلْ رُبَّما
عَبَراتُهَا كانَتْ لَهُمْ مِرسَالَهَا
وإذا انبَرَتْ لِقَضِيَّةٍ فَحَجِيجَةٌ
لَكَأَنَّ فِي سَاحِ الوَغَى أَبطالَهَا
إِنْ عارَضَتْ أَو وافَقَتْ فَسَماحَةٌ
قَبْلَ الأَحِبَّةِ أَعجَبَتْ عُذَّالَهَا
فَخْرُ النِّسَاءِ لِأُمَّةٍ تَرقَى بِهِنَّ
وإِنْ عَدَلْتَ أَضِفْ لَهُنَّ رِجَالَهَا
لَو كانَ يَقرَؤُهَا الزَّمانُ عِبارَةً
أَنْ تِلكَ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ لَقَالَهَا
****


مازن لبابيدي - السابع من ربيع الأول 1442