|
فتّشت عشق الواجدين وحزنهم |
ونبَشْتُ همّ قلوبهم لما دَهمْ |
ورأيت عين الجائعين إلى الرغيف |
كقلب طفلٍ، جوعُه نبش الألمْ |
ورأيت أسرى الحرب في سجن العدى |
والذلّ يُحبطهم بكيدٍ منتقم |
ورأيت ليل الخائفين من النوى |
ومن التشرد والظلام المدلَهِم |
ورأيتُ، إني قد رأيتُ الكون قد |
سُكِبتْ به ظلاّمه، فالظلم عمّ |
ما مرّ عندي مثل دمعي أي دمع |
أو تجرأ فوق همّي أي همّ |
ليلٌ تمادى غيّه، فأذابنا |
في حلكة قد زادها في النفس غمّ |
نفس يدمرها الأسى، وعيون |
قلبٍ في النوى محمرّة بخضاب دم |
وفضاء روح مغلق بسواده |
وجنون نفس مضّها غمٌّ وسم |
يا غربة، يا وحشة، في بردها |
كرصيف إسفلتٍ، عليه الثلج عمّ |
البرد يخترق الحشى، والريح تصفر |
في شرايينٍ غدت من غير دمّ |
ما عدت أعرف أين أصدح بالهموم |
وكل هذا الكون عن شكواي صمّ |
أحتاج قلباً عامراً بالدفء ما |
أحتاجه، في غربتي، هو قلب أمّ |
تبكي القلوب بلا دموع في الضلوع |
وكل ضلعٍ في حنايا الصدر رمّ |
مالي أرى الأنصار شتت شملهم |
عند الوقيعة يوم ذاك النقع حمّْ |
ورأيتني بعد انفضاضهمُ مهيضاً |
في مهبّ الريح أو في موجِ يمّْ |
من ذا الذي إمّا مدحتُ سررتًهُ |
وإذا نسيت المدح يوماً قال: ذمّ |
أين الذين إذا تكلم طفلهم |
بَزَّ الرجال بكيفِ قوم دون كمّ |
ما عاد يجديني الكلام بحالهم |
إذ أخرس الكلمات ماءٌ ملء فمّ |