فوق العشرين
تحبسني جدران المنزل بينها ، و تحيطيني بيأس عميق ، تدفعني لأن أحقق ذاتي ، لأن أرسم أمالي حتى لو بالألوان ، تجرني لأن أنزف حروفي واحدة تلو الأخرى ، و هكذا تمر السنين ، وتمر الأيام و أقطع من العمر العشرين ، أخطوا خطواتي ببطء شديد ، رغم أنني أتمنى أن أخطوها بسرعة لأعلم ما بعد هذه السنين ؟؟ لأستكشف المجهول ؟؟ أم لأنني مازلت أحلم بأشياء محفورة بذاكرتي .. لا أدري ...
مرت سنة و من ثم سنتين و من ثم ثلاثة و ها أنا أركض بها
كباقي السنين و ها هي حروفي معي مازالت ، و ريشتي وألواني ، و ما زال قلبي ينبض بالحياة ، في كل مرة أنتظر شيئا يغير حياتي إلى أحسن إلا أنها تحطمني و تشردني تلك الجدران..
لم أتوقع يوما أنني سأكبر و سيبقى حالي كما هو ، كل من حولي يتغير ، إلا أنا ..
حتى شكلي كل من راءاني ظن أنني تحت العشرين !!
لامست رجليّ الأرض فلن أمر عليها كالباقين ، دون أن أترك أي أثر يدل أنني عشت عليها ، تنفست من هواءها ، و أحببت كثيرا من عليها ، و تمنيت للكثير أن أكون عونا لهم ..
لا أطمح أن يكتبني التاريخ ، بل كل طموحي أن أصل للقلوب البيضاء النقية ، أن أترك ذكرى جميلة ، و بصمة دائمة توحي بالسعادة.... سعيدة أنا رغم كل أحزاني ، رغم كل ألامي ...
سعيدة أنا إن يوما رأيت ابتسامة صادقة أو تخاطبت مع أرواح نقية حتى لو كان بيني وبينها عوائق كثيرة ..
لا تسألوني لماذا كل هذا اليأس ؟؟ لا تلوموني إن كتبت عن الأمس !! فهذا تاريخي ، و هذه أحلامي الصغيرة ....
لا تستغربوا من ذبولي في أوقات الصباح البهي ، و من ذوباني في هطول الثلج ، و من احتراقي دون وقود ، هذه أنا أتعلم لأن أواجه الحياة بكل جبروتها و بكل قوتها ..
كنت أظن المأوى لا يعني التشرد !! و كنت أظن الأهل لا يعني الغربة !! وكنت أظن الناس لا تعني الوحدة !!
ما بعد العشرين علمت أن كل ظنوني ظنون و أن التشرد و الغربة و الوحدة لا علاقة لها بأشياء أخرى ..
علمت أن الآلام تجر ألام ، و أن النزيف عندما يسيل لن يتوقف حتى لو مرت سنين ، وأنني سأبقى أنا وإن تغير الزمان و إن تغير المكان .... حلا رفيقة الدمعة الحزينة ..
23 . 1 . 2008 م