بسم الله الرحمن الرحيم

من الكلمات التي ينبغي التوقف عندها ، عند تقطيع الأبيات الشعرية : كلمة (أنَا) ، الدالة على المفرد المتكلم ، ذكرا كان أم أنثى .

فهذه الكلمة تتألف مبدئيا من : همزة مفتوحة ، ونون مفتوحة ، وألف ليّنة .

ولكن لها في النطق حكما خاصا .

-1-

كيف كان العرب ينطقون كلمة (أنَا) ؟

يُميَّز هنا بين حالتي الوقف والوصل :

أوّلا : عند الوقف عليها ، ينبغي النطق بالألف اللينة ؛ هكذا : [أَنَا] . هذا هو المشهور عن العرب . وورد عن بعض طَيِّئٍ أنهم كانوا يُبدلون الألف هاءً ساكنة : [أَنَهْ] .

ثانيا : عند وصلها بما بعدها ، يتعين التمييز بين حالتين :

1- إذا وقع بعدها حرف ساكن ، فمن الطبيعي ألاّ تُلفظ الألف ، لئلاّ يلتقي ساكنان . ومثال ذلك : (أنـا الْـقائلُ) ؛ تُلفظ : [أَنَـلْقائِلُ] .

وهذا الحكم ليس مقصورا على ألف (أنا) ؛ بل هو شامل لكل حروف المد المتطرفة ، إذا وقع بعدها حرف ساكن من كلمة أخرى ؛ نحو : (دخلنـا الْـبيت) (افتحُـوا الـباب) (احفظـي الـدَّرسَ [دَّ = دْ + دَ]) . فحروف المد هذه لا تُلقظ ، كما هو معلوم .

2- إذا وقع بعدها حرف متحرك ، كما في (أنـا قُـلْتُ) ، فللعرب فيها مذهبان :
* أكثر العرب هنا كانوا لا ينطقون الألف ، بل ينتقلون مباشرة من النون المفتوحة إلى أول حروف الكلمة التالية (من غير مدّ) ؛ هكذا : [أَنَــقُلْتُ] .
* وقلّة من العرب كانوا ينطقون الألف ؛ هكذا : [أَنَا قُلْتُ] .

-2-

كيف تُرسم هذه الكلمة إملائيا ؟

يقولون : (الرسم : تصويرالكلمة بحروف هجائها ، بتقدير الابتداء بها والوقف عليها) .

فنحن حين نكتب الكلمة ، ننظر إليها مجردة مما قبلها ومما بعدها ، أي : نتصور أننا بدأنا بها ، ثم وقفنا عليها .

وعلى هذا ، فإننا نكتب : (أَنَا) ، بالألف في آخرها ؛ لأن هذه الألف تُلفظ في الوقف يقينا ، بصرف النظر عن إثباتها أو عدم إثباتها في الوصل .

-3-

ما قول النحويين في هذه الكلمة ؟

1- يرى البصريون أن الضمير هنا هو (أَنَ) فقط ، من غير ألف ، وأن الألف مجرد حرف يُزاد في الوقف لبيان حركة النون ، مثلما تُزاد هاء السكت في نحو : (بِمَهْ ؟) و(لِمَهْ ؟) . فمن حذف الألف في الوصل ، فقد جرى على الأصل . ومن أثبتها فيه ، فقد أجرى الوصل مجرى الوقف .

2- ويرى الكوفيون أن الضمير هنا هو (أنَا) بكمالها ، وأن الألف هنا مِن بنية الكلمة ، وليست زائدة . فمن أثبتها في الوصل فقد جرى على الأصل . ومن حذفها فيه ، فإنما فعل ذلك تخفيفا ، واستغناءً عنها بفتحة النون .

(يُتبع)