أريدُكِ لي دونَ باقي البشرْ،
فَلا تفْتَحي للرّياح النّوافذَ..
لا تُشْرعيها لِضوْء القمرْ،
ولا تَتْرُكي شَعْرَكِ الغَجَريّ
يُسَافِر خلْفَك، دون حذرْ؛
ولا تَسْرَحي في الْتِماعِ النّجومِ
ولا تَدْخُلي في عِناقِ الزّهَرْ.

فإنّي أريدُكِ لي،
لا يُشَارِكُني فيكِ حَتّى رَذاذُ المَطرْ،
ولا نَسْمَة الريحِ
أوْ نَفْحة منْ مساءٍ عَطِرْ؛
فإنّي أغار علَيْكِ
وقلْبي يَكادُ مِنَ الوُجْد أنْ يسْتَعِر،
فَلي.. أنْتِ لي،
هَكَذا شاءَ سرّ القَدرْ؛
وأيُّ احْتِمال يُعدّ هُروبًا..
يُعدّ انْتِقامًا،
وهَجْرًا
وذَنْبًا
وجُرْمًا؛
فَلا يُغْتفرْ.

وأيّ انْفِلاتٍ،
وأيّ انْتِفاضٍ،
وأيّ انْقِلابٍ،
عَلى عَرْش حبّي
سيَبْقى هَدَرْ.
فلي.. أنتِ لي
لا مَفَرّ،
فَكوني عَلى العَهْدِ
لَيْس هُناك حُلول أُخرْ.
ولَيْسَ أمامَكِ إلاّ الرّضوخ،
أوِ المَوْت شنْقًا
على عَتباتِ الضّجر ْ.

أريدكِ لي دونَ باقي البَشرْ،
فَلا تَدْخلي في الرّحيلِ
ولا تَشْرَعي في السّفرْ،
ولا تَزْرَعي
في الطّريق إليْكِ
سِيّاج الكَدَرْ،
فَمَهْما فَعلْتِ..
ومَهْما هَربْتِ..
ومهْما صَدرْ،
فإنّي سأبْقى هُنا، في عِنادي مُصرْ
إلى آخِر العُمْرِ،
حتّى بلا مَوْعد أنْتظرْ،
فَلي.. أنتِ لي..
أنتِ لي لا مَفَرْ،
ولي.. أنتِ
مهْما يطول الرّحيلُ،
ومَهْما قصُرْ.

كِتابُ حياتكِ بيْنَ يديّ
تَصفّحْتُ منْه جميعَ الصّورْ؛
وغَيّرتُ ماشئْتُ منْ مُفْرداتٍ
وأقْحَمْتُ فيه جديد العِبرْ،
ووزّعْتُ فيه انْتِشاري
على كلّ جزْء ولمْ أخْتَصِرْ؛
فلَنْ تُفْلِتي منْ حِصاري
ولنْ تخْرُجي عنْ حُدود القَدرْ
فمَهْما فَعَلتِ..
ومهما هَربتِ،
سَتَبْقَيْنَ عنْد امْتِداد البَصرْ؛
فَما منْ مَكانٍ يضُمّكِ
إلاّ وَلي فيه بعضُ الأثَرْ.