وشاح أنجلينا

رأسي يمور بالذكريات...تلك الأيام التي كنت سعيدا بها بين أهلي واصدقائي..أيام ذات إيقاع ضحكت ولهوت..وظننت أنها لن تنتهي سعادتي.. انتبهت عندما غادر الشاهد المنصة وتهالك المحامي بعد أن تلاشت دفاعاته، على مقعده يأسا، شعرت برغبة عنيفة باقتلاع عين الشاهد الذي شهد بأنه رأي السكين أداة الجريمة فى يدي...جريمة لم ارتكبها..
صرخت بعلو صوتي:
ــ أنا برئ...برئ ....برئ..ياعالم
رفعت الجلسة، وتداولت المحكمة شأني، وحكم عاى بالسجن المؤبد..! صرخات أمي وأخوتي ودهشة أصدقائي وأسدل الستار.. وقبعت فى ظلمة زنزانتي..الضوضاء تصلني من الخارج فأعرف أن الصبح انبلج.. تصافحني الشمس بشعاع باهت من فتحة صغيرة على شكل كوة مطمورة فى جدار صخري..تطل على مسطح مائي ليس له أبعاد.. أظن الشمس تعرفني برئ..
أختنقت الحياة على اتساعها بهذه الساحة.. التى أقضي فيها بقية عمري سجن مشدد الحراسة فى أحشائه القتلة..القساة .أنا لست منهم ولكني بينهم..يثرثرون بانتشاء كيف قتلوا ضحاياهم..تحرشوا بى مرار لأخبرهم بجرمي ولكني لم أقتل وليس لدي ضحايا..كنت أخاطب القاتل الحقيقي حرا طليقا:
ــ اتزيد جرائمك بزج برئ فى السجن لماذا لا تأتي وتعترف..
مضت عشر سنوات تتشابه.. ماعدت أرغب فى رؤية أهلي.. فقط كانت أنجلينا تتربع على عرش قلبي.. وأحلامي أراها بتلك الملابس الزرقاء..ووشاحها الأبيض عندما تسرقه الرياح فتضج بالضحك وتجري خلفه.. وأجري خلفها. هل تذكر ذلك أيها البحر...لقد بصمنا عشقنا على شواطئك الرملية..كان الكون ملك يدي...وذكراها تبدد وحشتي..فأخلد للنوم إليها.لأرى تلك الأيام بعين خيالي.. أناديها:
ــ انجلينا..السجن بغيض..أوّاه إنني برئ هل تصدقينني
صحوت على طرق..على باب محبسي ناداني الحارس:
ــ السجين أخرج.. ينتظرونك هناك فى الإدارة
رأيت أمي والمحامي..وشرطة وتوقيع وهمهمات لم أفهمها...
ــ أطلق سراحك اليوم..
بعد عشرة سنوات جاء القاتل واعترف ذات صحوة ضمير،تحسست خطواتي خارج السجن وأمي تنهال على بالقبل والأحضان وتردد دامعة:
ـــ كنت أعرف أنك برئ..لم يهدأ لي بال ناشدت كل المنابر..حتى جاء القاتل وسجل اعترافه
لست أدرى!؟ إن كنت سعيدا حقا بهذه الحرية أم تعيس، مزيج من.تشويش..اضطراب..ا نقلاب فى حياتي كيف أبدا الدخول لمجتمع لفظني.. عقد من الزمان.وأنا أرتدي بدلة قاتل.
رأيته كان يقف بعيدا..دون ملامح..الشاهد الذي شهد..ينتظرني
صاح باكيا :
ــ سامحني لقد ضغطوني.. فقلت ما أرادوا
بصقت على وجهه صارخا :
ــ لاتقترب مني...سأقتلك
ومضيت نحو حريتي...وقيدته.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي