عَلَى الدَّهْرِ نَجْمُكِ لَمْ يَأْفُلِ وَمَا زِلْتِ فِي حُسْنِكِ الْمُذْهِلِ
وَفِيكِ الْنَوَاعِيرُ أَطْيَافَ سِحْرٍ وَفِيكِ الْأَزَاهِيرُ لَمْ تَذْبُلِ
أَتَيْتِ إِلَىَّ بِأَسْمَالِ مُلْكٍ وَشَعْثَاءَ مِنْ دَرْبِكِ الْمُهْملِ
فَآوَيْتُ صَمْتَكِ فِي حِضْنِ صَوْتِي وَدَاوَيْتُ جَرْحَكِ بِالْأَمْثَلِ
تَجَلَّي لِرُوحِي صَدًى سَرْمَدِيًّا وَعَرِّي فُؤَادَكِ لَا تَخْجَلِي
فَإِنِّي سَأَطْرَحُ ثَوْبَ السِّنِينَ وَأَكْسُو شَبَابَكِ بِالْمُخْمَلِ
أُقَلِّدُ جِيدَكِ دُرَّ الْمَعَانِي وَأُزْكِي عُيُونَكِ مِنْ مِكْحَلِي
تَعَالي كَمَا كُنْتِ يَوْمَ خُلِقْتِ وَعُودِي إِلَى عَهْدِكِ الْأَوَّلِ
مَعِي أَنْتِ أَمْتَعُ مِنْ شَهْرَزَادَ وَأَمْنَعُ مِنْ شَادِنٍ مُجْفَلِ
مَعِي أَنْتِ فِي الْعَرْشِ ذَاتُ الْجَلَالِ وَذَاتُ الدَّلَالِ وَذَاتُ الْحُلِي
تَصُبُّ الأَصَالَةُ إِبْدَاعَ رَأْسِي وَتَصْبُو الْحَدَاثَةُ لِلأَرْجُلِ
كَشَهْدٍ يَذُوبُ عَلَى شَفَتَيَّ وَعِطْرٍ يُقَطَّرُ مِنْ أَنْمُلِي
أُجِلُّ ابْتِهَالِي عَلَى سَجْوِ رُوحٍ وَأَجْلُو الَمْعَالِيَ لِلْمُعْتَلِي
وَأَهْمِسُ فِي الْكَوْنِ لَحْنَ الْخُلُودِ بِقِيثَارِ نَهْجِ الْهُدَى العَنْدَلِي
فَتَشْذِينَ أَضْوَعَ مِنْ دَوحِ فُلٍّ وَتَشْدِينَ أَرْوَعَ مِنْ بُلْبُلِ
لِعُصْفُورَةِ الْقَلْبِ يَرْهُفُ حَرْفِي وَلِلصَّقْرِ يَعْصِفُ بِالجَحْفَلِ
وَأُقْرِي النُّهَى وَالرُّؤَى خَيْرَ زَادٍ بِلَا قَاتِ لَغْوٍ وَلَا حَنْظَلِ
تَوَلَّيْتِ قَبْلِي ثَلَاثِينَ رَبًّا وَأَلْفَ نَبِيٍّ وَأَلْفَيْ وَلِي
وَلَكِنَّنِي رَبُّكِ الْحَقُّ وَحْدِي وَلِي مَجْدُ مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلِ
أَخُطُّ مِنْ النُّورِ أَلْوَاحَ وَحَيِي وَغَيْرِي يَخُطُّ مِنْ الصَّلْصَلِ
فَهَلْ كَانَ إِلَّا أَبَارِيقُ نُصْحِي تَحُثُّ إِلَى الْأَجْمَلِ الْأَنْبَلِ
وَهَلْ كَانَ إِلَّا قَوَارِيرُ بَوْحِي مِنَ الْعُودِ وَالنَّدِّ وَالصَّنْدَلِ
فَلَا تَكْفُرِي بِي وَلَا تُشْرِكِي بِي وَصَلِّي عَلَيَّ وَلَا تأْتَلِي
أَنَا الْمُسْتَقِرُّ عَلَى الشِّعْرِ عَرْشَي سِرَاجًا يُرَى فِي الْمَدَى الْمُوغِلِ
أَطُوفُ النُّجُومَ خَيَالِي جَوَادِي وَحِبْرِي السَّنَا وَالْعُلَا مَوْئِلِي
وَمَا عَابَ نُورِي سِوَى مُسْتَخِفٍّ يُغَطِّي التَّجِلَّةَ بِالْمُنْخُلِ
وَيَحْسَبُ بِاللَّحْنِ فِي قَدْرِ شَمْسٍ سَيَعْلُو إِلَى ذَلِكَ الْمَنْزِلِ
وَمَا النَّهْرُ يَأْسَنُ مِنْ فَرْثِ حِقْدٍ وَلا البَحْرُ يَأْبَهُ بِالجَدْوَلِ
وَمَا يَسْتَفِزُّ نَخِيلِي صَرِيرٌ وَلَا مَنْ يُبَالِي بِمَنْ يَبْتَلِي
وَمَا كُنْتُ أَحْفَلُ إِلَّا بِنَجْوَى فَرَاشَةِ طُهْرٍ بِهَا أَجتْلِي
فَيَا يَاسَمِينَ الرُّؤَى عَبِّقِينِي وَضُمِّي إِلَيْكِ النَّدَى مِنْ عَلِ
فَأَنْتِ انْبِلَاجُ الْمَشَاعِرِ أُنْسًا وَأَنْتِ ابْتِهَاجُ الْهَوَى المُثْمِلِ
وَأَنْتِ الْقَصِيدَةُ أَتْلُو عَلَيْهَا تَرَاتِيلَ مِنْ شَاعِرٍ مُرْسَلِ
تَسَوَّرْتِ بِالْحُبِّ مِحْرَابَ قَلْبِي فَطُوفِي بِكَعْبَةِ حَرْفٍ تُلِي
وَرِشْتِ سِهَامَكِ مِنْ طَيْرِ حُزْنِي عَلَى قَابِ شَهْقَةِ قَلْبٍ خَلِي
أَصَبْتِ وَأَدْمَيْتِ حلْمِي الْمُعَنَّى فَيَا لِلْهَوَى الْمُدْبِرِ الْمُقْبِلِ
يَتُوقُ الْفُؤَادُ إِلَى الذِّكْرَيَاتِ كَتَوْقِ الْحَصَادِ إِلَى الْمِنْجَلِ
وَهَذِى حُقُولِي سَنَابِلُ شَوْقٍ فَلَا تَحْطُمِي بِالنَّوَى سُنْبُلِي
أَكُلُّ ابْتِسَامٍ عَلَى جَرْفِ وَجْدٍ وَكُلُّ احْتِشَامٍ عَلَى مِرْجَلِ
أَمَا فِي احْتِفَائِكِ بَلْسَمُ جُرْحٍ يُعَافِي وَفِي الْمَقْتِ لِي مَقْتَلِي
أَمَا قَدْ وَهِبْتُكِ مِلْءَ السَّمَاءِ فَفِيمَ الْعِتَابُ عَلَى الْخَرْدَلِ
أَصِيخِي إِلَى عَبْهَرِيِّ ابْتِهَالِي يُرَدِّدُ بِالنَّبْضِ مَا قُلْتِ لِي
فَإِنْ شِئْتِ قَصْرَ الْأَسَى كَانَ قَصْرًا وَإِنْ شِئْتِ كُوخَ الْهَنَا فَانْزِلِي
سَأُدْخِلُ قَلْبَكِ جَنَّاتِ عَدْنِي وَأَحْمِي جَنَانَكِ أَنْ يَصْطَلِي
وأُورِيكِ جَمْرًا بِنَارِ الْغَرَامِ وَأَرْوِيكِ مِنْ مَائِهِ السَّلْسَلِ
إِلَيْكِ وَمِنْكِ وَفِيكِ ارْتِحَالِي وَإِنِّي أُعِيذُكِ أَنْ تَخْذُلِي





