لِـمن المدامعُ ..؟ والجفونُ سواقِ والشوقُ هيـّجَ في النــوى أحداقي
لمنِ الرواحلُ قـُطـّعت أكبادُها صوبَ المنى ممتدة الأعناق
ما حرقة العينينِ تسقي خدّهُ هلْ يبرأ المحمومُ بالإحــراقِ؟
جسدي هنــا .. روحي هناكَ و خافقي يـا غربـةَ الأشـلاءِ في الآفــاقِ
ما زلتُ أسبحُ في فضاءِ تشوّفــي ونسجتُ من كلـَفٍ جناحَ بُــراق
متتبعٌ للحسنِ ألتمسُ الشـذى بين الرياضِ وعند كلّ رواقِ
يمّـمتُ شطرَ القدسِ في جَنباتـِـها مهوى القلوبِ و قِــبلة العـُشـّـاقِ
أوقدتُ من زيتونها مشكاةَ رو حيَ مستنيرًا في سماءِ مراقِ
صوْبَ اليمان.. إذا حلَـتْ أعنابهُ وإن استطابَ النخلُ صوبَ عراقِ
لكنني .. والرّكب شدّ رحاله شطرَ الحجاز مؤذّنـا بفراقِ
..أيقنتُ أنّ الخيرَ جاوزَ موطئي فسقيتُ جـدْبَ اليأس مـاءَ مآقِ
وأنا الى الأرضِ الكئيبة لم أزلْ مُـثــّاقـلاً والهــمّ شـدّ وثاقي
رحلَ الحجيجُ فرحتُ ألتحفُ الجـوى والكـفّ فـرْشُ الخـدّ منْ إطـراقي
ناشـدتُ ركـبَ النــور أن أبطِــئْ ! فلـمْ يعبــأْ وغـذّ السـيرَ دون لـِحـاقي
ويطوف أحبابي بأشرف بُـقـعةٍ وأنا حبيسُ الهمّ ضاقَ خناقي
يُـسقوْن زمزمَ والرحيق ختامه وأنا جرعت الذنب كأس دهاق
هاج الحنين فرحت أستبق المدى والذكريــاتُ مـــنازل العُـشّـاق
"لـبيـكَ" ! كم تاق اللسان لذكرها ولنطقـِها في فـِيَّ حلـوُ مـذاقِ
يا طائفا بالبيت ! لـذْ بستارهِ ثم اسْـقـهِ منْ دمعك المُهراقِ
قد صُـبّ فيضُ النـّور من عليائهِ فامْـلأ أكفّـكَ من ندى الرّزاقِ
يا طائفًا بالبيت فاسْــقِ جدارَهُ فيضَ الهـوى منْ شوقـِـيَ الدفـّاقِ
وإن اشتكى مني الغياب فقلْ لـهُ أنّـي على عهد المحبّـةِ بـاقِ
تالله ما خـُلّفـتُ عَنــهُ تجـافِيًـا أو كنتُ أمسك خشية الإملاقِ
لكنها سبل الحياةِ تضيقُ بي أبداً تطوّقنــي بكــلّ نطــاقِ
عرّجْ على الركن اليمانِ ونـاجِهِ صبّاً تركـتُ فهل له من راقِ؟
واقْبـلْ على الحجر العتيق تأسّيـًا ما اسْـطعت قبـّلْ واستلِـمْ بعِنـاقِ
قد نالَ من ذنبِ العباد سوادَهُ فاجعــلْ دِثاركَ زاهيَ الأخلاقِ
قفْ بالمقام وصلّها متذوقـًا بِـشْـرَ الرجاء ودمعةَ الإشفاقِ
فهناك إبراهيم أذّنْ فانبرتْ من كلّ فـجٍّ سائرُ الاعـراقِ
قل للصّـفا إنّـي لمروةَ عاشقٌ وسكبتُ حبرَ الشوق في أوراقي
وكما سعتْ للماء ريّـًا هاجرٌ أسعى لأغسلَ حوبتي و شقاقي
ودلفْـتُ للبيت الحرام تلهّـفـًا وسجدتُ شكــرًا بهجــةً بتلاقِ
ألقيتُ رأسيَ عندَ ساريةٍ بهِ أودعتُـها ما أشتكي وأُلاقــي
عرفات كــمْ شهِـدَ الدعاءَ صعيـدُهُ وعلى الوفـا أعطيتهُ ميثـاقـي
واذكرْ ليـالٍ بتُّ فيها في مِـنىً أرجوالمُنى بالعفو والإعتــاقِ
يا ويـحَ نفسيَ من عواقبها إذا ساقٌ غدتْ ملتفّـةً بالســاقِ
في كلّ نُـسْـكٍ خِـلْـتُنــي بين الألى ومحمدٍ والصحب خيرِ رفـاقِ
طافـوا هنا .. نحروا هنا .. باتوا هنا ما زالَ من عبقِ النسيم بواق
يتلقفون الماءَ فضلَ وضوئهِ لهـفَ العطاشِ لسائغٍ رقـراقِ
لو قيل ماءَ العين هب.. لوهبتهُ وسكبتـهُ وأنـا لأحمدَ ســاقٍ
نشكو - رسولَ الله - بعدك أمّــةً ضُربتْ سياطَ الذلّ والارهاق
ظمئتْ و نبـعُ الماءِ بين أكُـفـّها عَشيتْ ووَمْـضُ النـور في الأحداقِ
وتفرق الاهلون بعد تآلفٍ وتناوش الأصحاب بعد وفــاقِ
طـال الهــوانُ .. متــى يشـدّ رِحالــهُ ويُـفُـضّ عتـمُ الليل من إشراقِ؟
والبدر غيّبــه التعاقبُ فارتقبْ قمراً سيولــدُ بعد طولِ محـــاقِ
ربّـاه بلّغنـي لبيتك ملتقـىً لقياه تطفـئ حرقـة المشتاقِ
هذا القصيد.. وأنت قصديَ فاحْـبُنــي من جودِ عفوك أكرمَ الإغداقِ



