فِي حَضْرَةِ الغِيَابِ» بقلم آمال المصري » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» هل معنى كُسِرَت الزجاجة وانكسرت الزجاجة واحد» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» الله أكبر» بقلم احمدالبريد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» حِسانُ الشَّمائل» بقلم رياض شلال المحمدي » آخر مشاركة: رياض شلال المحمدي »»»»» معابر الثقافة» بقلم رياض شلال المحمدي » آخر مشاركة: رياض شلال المحمدي »»»»» سوريا جنَّة ... والفرح سوري» بقلم رياض شلال المحمدي » آخر مشاركة: رياض شلال المحمدي »»»»» نهج الرسالة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: رياض شلال المحمدي »»»»» مليار العدم» بقلم شاهر حيدر الحربي » آخر مشاركة: رياض شلال المحمدي »»»»» مثل أرملة ...» بقلم محمد ذيب سليمان » آخر مشاركة: رياض شلال المحمدي »»»»» العجب في الإسلام» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»»
في زاوِيَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَ العالَمِ،
حَيْثُ لا صَوْتَ يُعَكِّرُ صَفْوَ الهَوَاءِ،
ولا ظِلَّ يَتَطَفَّلُ على الضَّوْءِ،
جَلَسْتُ وَحْدِي… أَلْفِظُ أَحْزَانِي بِهُدُوءٍ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ.
لَمْ تَكُنِ العُزْلَةُ هُرُوبًا،
بَلْ وَطَنًا مُؤَقَّتًا،
يَحْتَضِنُنِي الصَّمْتُ… وَيُعِيدُ تَرْتِيبَ فَوْضَايَ بِعِنَايَةِ أُمٍّ خَفِيَّةٍ.
لا أَحَدَ يَسْأَلُ، وَلا أَحَدَ يُجِيبُ،
لَكِنَّنِي كُنْتُ أَسْمَعُنِي بِوُضُوحٍ،
كَمَا لَمْ أَفْعَلْ مِنْ قَبْلُ.
فِي حَضْرَةِ الصَّمْتِ،
تَعَلَّمْتُ أَنَّ الرَّاحَةَ لا تَسْكُنُ ضَوْضَاءَ الوَنَسِ،
بَلْ تَخْتَبِئُ أَحْيَانًا فِي هَمْسَةٍ،
تَرْبِتُ عَلَى قَلْبِي وَتُنَاجِيهِ:
أَنَا هُنَا… وَلَنْ أُتْرُككَ.
في حَضْرَةِ الصَّمْتِ
حينَ يَخْفُتُ ضَجِيجُ العَالَمِ، وتَغْفُو الكَلِمَاتُ على شِفَاهِ الغِيَابِ،
يَنْهَضُ الصَّمْتُ مِنْ بَيْنِ السُّطُورِ كَكَاهِنٍ عَتِيقٍ،
يَتْلُو عَلَيَّ طُقُوسَ السَّكِينَةِ، ويَمْنَحُنِي نِعْمَةَ الاِكْتِفَاءِ.
الصَّمْتُ في عَالَمِي لَيْسَ فَرَاغًا...
بَلِ امْتِلَاءٌ شَاهِقٌ، يَفِيضُ بِالمَعْنَى حَتَّى آخِرِ قَطْرَةِ ضَوْءٍ،
هُوَ الحِبْرُ الَّذِي تَكْتُبُهُ الرُّوحُ حِينَ تَعْجِزُ اللُّغَةُ،
وَهُوَ الذِّرَاعُ الَّتِي تَمْتَدُّ لِتَحْتَضِنَك، لا لِتَسْأَلَكَ شَيْئًا، بَلْ لِتَقُولَ:
"هَأَنَذَا... مَعَك، كَمَا لَمْ يَكُنْ أَحَد".
في حَضْرَةِ الصَّمْتِ،
تَتَهَادَى الحَقَائِقُ على رُؤُوسِ أَنَامِلِ الوَعْيِ،
عَارِيَةً مِنَ التَّبْرِيرِ، طَاهِرَةً مِنْ رُتُوشِ المُجَامَلَةِ،
تَسِيرُ إِلَيَّ بِتُؤَدَةٍ نَبِيلَةٍ،
فَأَخْلَعُ عَنْ قَلْبِي وِشَاحَ الزَّيْفِ،
وأَرْتَدِي صِدْقِي... كَمَا يَلِيقُ بِرُوحٍ أَنْهَكَهَا التَّجَمُّلُ.
هُنَا، لا أَقْنِعَةَ تُلْبَسُ، وَلا وُجُوهَ تُسْتَعَارُ،
فَقَطْ أَنَا... بِكُلِّي، بِضَعْفِي الَّذِي صَارَ زِينَةً،
وَبِقُوَّتِي الَّتِي تَكَسَّرَتْ ثُمَّ نَبَتَتْ مِنْ جَدِيدٍ، أَكْثَرَ بَهَاءً.
الصَّمْتُ... هَذَا الحَكِيمُ السَّاكِنُ،
الَّذِي يَحْمِلُ عَنِّي حُزْنِي،
ويُخَبِّئُ وَجَعِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ،
يُعَلِّمُنِي أَنَّ النَّجَاةَ لا تَأْتِي بِالصُّرَاخِ، بَلْ بِالإِنْصَاتِ...
وَأَنَّ أَجْمَلَ الحِكَايَاتِ لا تُرْوَى، بَلْ تُحَسُّ.
في حَضْرَةِ الصَّمْتِ،
أَتَنَفَّسُنِي كَمَا لَمْ أَفْعَلْ مِنْ قَبْلُ،
أَتَطَهَّرُ مِنْ سُخَامِ الأَيَّامِ،
وأَخْرُجُ مِنِّي إِلَيَّ... كَمَنْ عَادَ إِلَى وَطَنٍ لَمْ يُغَادِرْهُ قَطُّ.
يا مَنْ أَنْهَكَه المَسِيرُ، وَتَكَاثَفَتْ عَلى مَنْكِبَيْه مَوَاسِمُ التِّيهِ،
أَمَا آنَ لِقَلْبِكَ أَنْ يَسْتَرِيحَ؟
أَمَا تَعِبْتَ مِنْ مُطَارَدَةِ الضَّوْءِ بِأَقْدَامٍ مُنْهَكَةٍ، لَا تَكَادُ تُلَامِسُ الأَرْضَ إِلَّا وَتَنْزِفُ؟
أَرَاكَ وَاقِفًا عِندَ مُفْتَرَقِ غِيَابٍ مُوحِشٍ،
لَا تَدْرِي: أَهُوَ اللَّيْلُ الَّذِي تَمَدَّدَ فِي عَيْنَيْكَ؟
أَمْ أَنَّهُ ظِلُّكَ القَدِيمُ، حِينَ انْكفَأَتْ عَلَيْهِ النَّكَبَاتُ؟
أَعْلَمُ، يَا صَاحِبَ القَلْبِ المُتْعَبِ،
أَنَّ الوُقُوفَ مَكْتُوفًا فِي وَجْهِ الغِيَابِ، أَشَدُّ مِنَ الغِيَابِ ذَاتِهِ.
أَنْ تَرَى الشَّمْسَ تَمْضِي... وَلَا تَمْلِكُ أَنْ تَقُولَ لَهَا: "عُودِي"،
أَنْ تَبْتَلِعَكَ العَتْمَةُ وَأَنْتَ تُنَادِي... وَلَا مُجِيبَ،
أَنْ تَنْطَوِيَ عَلَى صَبْرِكَ، كَأَنَّكَ تَحْرسُ آخِرَ مَا تَبَقَّى مِنْ دِفْءٍ فِيكَ.
لَكِنْ، بِاللَّهِ عَلَيْكَ...
حِينَ تَنْكَسِرُ، أَتَظُنُّ أَنَّ رَبَّكَ غَافِلٌ؟
وَحِينَ تُسْلَبُ، أَتَرَى أَنَّهُ لَا يَدَّخِرُ لَكَ أَجْمَلَ؟
إِنَّ الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ،
لَنْ يَضِيقَ بِكَ... وَأَنْتَ فِي عَيْنِهِ شَيْءٌ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ.
يَا مَنْ أَلِفَ التَّجَلُّدَ وَلَمْ يَشْكُ،
وَمَا حَنَّ جَبِينُهُ إِلَّا لِلسُّجُودِ،
أَرَأَيْتَ كَيْفَ تُنْبِتُ التُّرْبَةُ اليَابِسَةُ وَرْدًا... إِذَا بُلِّلَتْ بِالرَّجَاءِ؟
كَذَلِكَ قَلْبُكَ، مَا أَنْ يَرْتَوِيَ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ،
حَتَّى يُزْهِرَ رَغْمَ الجَدْبِ، وَيُورِقَ رَغْمَ الانْطِفَاءِ.
لَا تَقُلْ: "مَا عُدْتُ شَيْئًا"،
فَكُلُّ مَنْ اسْتَوْدَعَ اللَّهَ وَجْعَهُ، عَادَ مُمتَلِئًا بِطُمَأْنِينَةٍ لَا تُشْتَرَى.
وَكُلُّ مَنْ خَافَ اللَّيْلَ، عَادَ وَفِي يَدِهِ مِصْبَاحٌ مِنْ نُورِ الدُّعَاءِ.
فَارْفَعْ كَفَّيْكَ كَمَا رَفَعْتَهَا الآَنَ،
وَقُلْ كَمَا قُلْتَ:
"اللَّهُمَّ تَدْبِيرًا يُغْنِينِي عَنِ الحِيلِ"،
فَإِنَّهَا مَا خَرَجَتْ مِنْ لِسَانِكَ، إِلَّا وَكَانَ لَهَا فِي السَّمَاءِ تَوْقِيعٌ لَا يُرَدُّ.
صَبْرًا، يَا صَدِيقَ الغَيْمِ،
فَالخَيْرُ قَادِمٌ مِنْ حَيْثُ لَا تَحْتَسِبْ،
وَسَيَكْبُرُ الفَرَحُ ذَاتَ غَفْلَةٍ...
كَمَا يَكْبُرُ العُشْبُ فِي الصَّمْتِ.
مساحة من الإبداع بجمال بطن الأحاسيس الفياضة بومضات من نور
أجدت وأحسنت المشاعر والوصف بلغة شاعرية جميلة ، وصور داعبت
المخيلة بحسنها، وهطول مغدق بالرقى والألق
وختمتها مسك الختام بتراتيل خاشعة متوجهة إلى السماء
شكرا على هذا الجمال الممتد حروفا بحس راقي وأداء بديع البيان صادق العاطفة
شكرا لما نثرت من زهور حرفك بين السطور في بوح يفيض عذوبة ورقة
يتلفع بثوب البهاء
لحرفك جماله الآسر وباذخة الثراء لغتك، فارهة التعابير، قوية البناء.
باقة ورد تليق بسمو حرفك.
أزهرتْ كلماتي حين لامستها قراءتكِ ياغالية
فشكرًا لهذا الإطراء النبيل الذي ضمّخ نصّي بالمسك، وجعل الحرف يتيه فخرًا.
بصحبتكِ يُضاءُ مساري، وتزدادُ سماءُ حروفي اتِّساعاً ووهجا.
فكوني قريبةً، أستمدُّ من دفءِ حضوركِ ضوءا أصوغُ منه نصوصا أشدَّ بريقا،
امتنانٌ عميق لروحٍ ترى الجمال وتُجيده
تحياتي
قَلْبٌ مُتْعَبٌ يَنُوءُ بِأَطْلَسِ النَّهَارِ، يَزِنُ الضَّوْءَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَيَمْضِي.
كُلُّ خَفْقَةٍ فِيهِ حَقِيبَةُ سَفَرٍ مُكْتَظَّةٌ بِزِحَامِ الأَسْوَاقِ، بِصَهِيلِ العَرَقِ، وَبِرَائِحَةِ الخُبْزِ السَّاخِنِ الَّتِي تَعْجِنُهَا الشَّمْسُ بِحَنُوٍّ فَوْقَ المَوَاقِدِ.
عِنْدَ غَسَقٍ يُجَلِّلُ الأُفُقَ بِالزُّرَقِ، يَخْلَعُ أَوْزَارَهُ، وَيُدَلِّي قَدَمَيْهِ فِي سُرَّةِ الرِّيحِ؛ فَتَأْتِي الذِّكْرَى خِمْصَانَةً، مُطَرَّزَةً بِاليَاسَمِينِ، تُسَرِّحُ خَصَلَاتِ وَجْعِهِ بِأَصَابِعَ مِنْ ضَوْءٍ، وَتَنْفُضُ عَنْ نَبْضِهِ غُبَارَ السَّاعَاتِ.
يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى نَجْمَةً وَحِيدَةً تُشْبِهُهُ—قِنْدِيلًا سَمَاوِيًّا يُوَقِّعُ اسْمَهُ عَلَى عَتْمَةِ اللَّيْلِ.
يَهْمِسُ: «أَنَا وَأَنْتِ سَنَظَلُّ نُومِئُ لِبَعْضِنَا مِنْ بَعِيدٍ، حَتَّى يَصِيرَ اللَّيْلُ وِسَادَةً مِنْ حَرِيرٍ».
يَبْتَسِمُ القَلْبُ ابْتِسَامَةَ مَلَكٍ جَرِيحٍ، وَيُسْنِدُ كَاهِلَهُ إِلَى سِرْبٍ مِنَ الصَّمْتِ؛
فَيَغْفُو مُتَوَّجًا بِبَرْقِ المَجَازِ، مُلْتَحِفًا بِبَسْمَلَةِ الحُلْمِ، وَمُتَوَسِّدًا ضَوْءَهَا—
حَتَّى إِذَا انْبَثَقَ الفَجْرُ، نَهَضَ خَفِيفًا، وَقَدْ أَوْدَعَ تَعَبَهُ بَيْنَ طَيَّاتِ النَّجْمَةِ.
كَأنَّ في صَدري بَحرًا هادِرًا، لا تَخشاهُ الأعاصير،
يَهجُمُ عَلَيَّ الخوفُ في صورةٍ سَوداء،
فأستَحضِرُ في داخلي شَمعةً
لا تَنطفِئُ مَهما هَبَّ غَضَبُ السَّماء.
يُحاولُ الخوفُ أن يُقيِّدَني، يَلهَثُ في أَحشائي،
فَتُعانِقُني القُوَّةُ، وأَختارُ أن أَمضي،
أَقرَأُ في وَجهي آياتِ الانتصار،
وأَزرَعُ في جَنائنِ صَمتي وَردًا.
في كُلِّ نَوبَةٍ، أَخطُّ على جِدارِ روحي:
«لَن تُقهَريني، فأنا عاشِقَةُ الحياة،
سَليلةُ سِرٍّ مِن سَماءٍ لا تَفنى؛
أنا السِّلمُ الَّذي يُترنَّمُ فوقَ نَقَراتِ الخَوف،
وأنا النَّهْرُ الَّذي لا يُحاصَرُ بِمِسَدَّاتِ الحُزْن.»
فَيا قَلبي، ابتَهِجْ بِصَمتِكَ،
واذهَبْ حَيثُ يَختَبِئُ الوَردُ خَلفَ السَّكينَة.
أنا نَهْرٌ لا يُحاصَر،
وَهذهِ انتِصاراتي الَّتي تُتَرجَمُ في صَمتي.
---
جميل ما نطق به حرفك من معنى رائع
إبداع تجلى فيه الجمال ببوحه الماتع وحرفه الأنيق
رائعة تلك المشاعر التي صغتها فأبدعت وصفا
هنا أورق الحرف وغنى طربا فتراقص الجمال على إبقاعه
فَيا قَلبي، ابتَهِجْ بِصَمتِكَ،
واذهَبْ حَيثُ يَختَبِئُ الوَردُ خَلفَ السَّكينَة.
أنا نَهْرٌ لا يُحاصَر،
وَهذهِ انتِصاراتي الَّتي تُتَرجَمُ في صَمتي.
أجدت اللحن والعزف والكلمة والحس
بحروف رصفت بجمال اللغة وفصيح البيان.
أسجل إعجابي.
ما أروع ماقرات هنا!
سلمت أناملك ودام هذا الإبداع.