ملّ قلبي مِنْ لوعةِ الشَّوقِ دَهْرا فاسْتَخَفَّ الخُطَى بصدري..وفَرَّا
وَمَضى للحبيبِ يشكُو بعاداً يستحيلُ الهوى بِحُمَّاهُ جَمْرا
قال:"تدرينَ،ما لِهجرِكِ عُذْرٌ في كتابي،وليس جَهْلُكِ عُذْرا
قد مَلَكْتِ الفؤادَ فارثيهِ قبلَ الْ مَوْتِ أو زُفِّي لي وِصَالَكِ بُشْرَى
لِمَ هذا النَّوى وما كنتُ يوماً خائنَ العَهْدِ،لَمْ أُذِعْ عَنْكِ سِرَّا
لَمْ أُزِغْ عَيْنَيِ الهَوى عنكِ لَمَّا زاغَ غَيْرِيْ عَيْنَيْكِ عَنِّيَ مَكْرا
بِتُّ والسُّهْدُ بين جَفني ونومي كَشَبَاةِ الفِرِنْدِ تَفْصِلُ أَمْرا
وَبِجَفْنَيْكِ النَّوْمُ سَلاَّكِ عَنِّي واسْتَطَبْتِ الفِراقَ حَلاًّ وسِتْرا"
واستزادَ الفؤادُ شكواهُ عَتْباً لِحَبِيبي فَفَاضَتِ العَيْنُ دُرَّا
قال:"إِنِّي بالحُبِّ قُيِّدْتُ أَسْرَاً ما جزاءُ المُحِبِّ قَيْداً وأَسْرا
يتلاقى الأحبابُ في كلِّ أرْضٍ وأُلاقي الجَوَى فَأَهْرُبُ ذُعْرا
أَعِدُ النَّفْسَ في اصطِبَارِي وِصَالاً وَكَأَنِّي لِلْوَصْلِ أَمْلِكُ أَمْرا"
فأجابت والدمع في مقلتيها وبِخَدَّيْهَا سَافِرَاً يَتَعَرَّى
"قد أذاعوا بُهْتَانَهُم عَنْكَ زَعْمَاً أنَّ غَيْرِيْ مِنْ قَبلُ تَعْشَقُ سِرَّا"
"كَذَبُوا..هَلْ يَذَّكَّرُ الحُبُّ أَنِّي قَبْلَ هذا تُيِّمتُ في حُبِّ أُخْرَى
وَبَقِيتُ الَّذِي يُحبُّكِ طُولَ الْ عُمْرِ حَتَّى لَوْ لَمْ تَرُدِّيهِ قَدْرا
إذْ رآكِ الحبيبُ فازدانَ بِشراً وَرَأَيْتِ الحبيبَ فاستأْتِ نُكْرا
قد تَعَلَّمْتُ في عذابِ التَّنَائِي كيفَ نارُ الهَوى تُذَوِّبُ صَخْرا
وَتَحَمَّلْتُ أمرَه كَيْ أَرانا ذاتَ يومٍ حُبَّاً..وصِدْقاً..وطُهْرا
وأطالَ الدَّهْرُ انْتِظَارِيَ حَتَّى خِلْتُ ذاكَ اليَومَ المُقَدَّرَ مَرَّا
فَرَعَيْتُ النَّفْسَ السَّهُودَةَ عَيْناً سَحَراً،إذ نامت،وها جِئتُ فَجْرا"
قالَتِ"الآنَ حَصْحَصَ الحُبُّ فينا بِيَ مِمَّا تَشْكُوهُ هَمَّاً وقَهْرا
عَبِثَ الواشونَ اعتِبَاطاً وليسوا بِهَوى الإلْفِ مِنْكَ أَوْلَى وأَحْرَى
وَيْلَ قلبي بالقَسْرِ كَتَّمَ عنكم ما يعاني،،والحبُّ يُكتَمُ قَسْرا
سامني البعدُ عنكَ شَرَّ عذابٍ ليسَ منه الهوانُ والموتُ شَرَّا"
واستظلاَّ تَحْتَ العِناقِ ودَمْعٍ وشُجونُ الفِراقِ تَنْزِفُ حَرَّى
قالت:"الغيبُ جاوزَ العُسْرَ حدَّاً ووصالٌ قد صَيَّرَ العُسْرَ يُسْرا"
قالَ:" ما أجمَلَ الغَرامَ وذِكْرى من يُحِبُّ الفؤادُ،،لو غابَ دهرا
وأرى العمرَ قد يخونُ فأقضي قَبْلَ رُؤيَاكِ يائِسَاً مِنْكِ خُسْرا
لكن الآنَ في عيونِكِ دَمْعٌ قد حَباني،من شَدَّةِ الدَّمْعِ، عُمْرا
هو دمعُ اللقاءِ عذبٌ وقد كا نَ ببعدِ الهوى أُجاجاً ومُرَّا
ووسادي مثواهُ في كُلِّ ليلٍ يحتويهِ إنْ سالَ حُضْنَاً وقَبْرا
ولساني بالشِّعْرِ يرثي زماناً ما أمَرَّ الرِّثاءَ إن كانَ شِعْرا!"
ودعوتُ الإلهَ رباهُ فاجمع شملَ كُلِّ الأحبابِ في الأرضِ طُرَّا
لا تدع للواشين فيهم مقاماً إنَّهم كالعقاربِ الشُّقْرِ غدرا
هل سنقضي بالوصلِ ما قد تَبَقَّى ويعودُ الفؤادُ من حيثُ فرَّا؟؟؟




.gif)

