| 
 | 
بَينَ يَدَيْ باب اليمن  | 
 بِالبَابِ يا بَابُ غُصنٌ بِالدَّمِ امتَلأَ | 
بالبَابِ يا بابُ قَحْطٌ فاغِرٌ فَمَهُ  | 
 نَحوَ السَّماءِ , و ها قَد أَمطَرَت ظَمَأَ | 
بالبَابِ يا بَابُ طِفلٌ نَبضُهُ نَغَمٌ  | 
 لكنَّهُ شَابَ بالأَعتابِ و اْنكَفَأَ | 
يا بابُ خَلفَكَ لِيْ حُلْمٌ خُلِقتُ لَهُ  | 
 و لي أمامَكَ حُزنٌ جَلَّ مَن بَرَأَ | 
سُبحانَ مَن أَلهَمَ الأحزانَ فاتَّخَذَت  | 
 ما بَينَ جَنْبَيَّ سِكِّيناً و مُتَّكَأَ | 
و شَكَّلَتنِي أَباريقَاً و أخْيِلَةً  | 
 تَحْسُو الفَرَاغَ , فَتَندَى أَحْرُفاً و رُؤى | 
قالت و قَد أَجلَسَتني .. و هيَ واقِفَةٌ  | 
 : هذا الذي شَقَّ صَدري خِلْسَةً و رأى | 
هذا الذي ابْيَضَّ قَلبي مِن تَنَهُّدِه  | 
 و كُلَّما قُلتُ داوَى جُرحَهُ .. نَكَأَ | 
هذا الذي .. ثُمَّ تَدنُو  و هيَ تُطعِمُني  | 
 في حُجْرَةِ الغَيبِ ( مَوفُوراً ) و ( مُجتَزَأَ ) | 
هذي قَوافِيكَ .. فاستَعذِب مَرارَتَها  | 
 و عَانِقِ الحُزنَ و اطْرَأْ  كُلَّمَا طَرَأَ | 
هذي قَوافِيكَ فَاقرَأ مَا تَيَسَّرَ يا  | 
 مَن يَشْرَقُ الدَّمعُ في عَينَيَّ إنْ  قَرَأَ | 
و  رُحتُ أتلُو كِتاباً فُصِّلَت بِدَمِي  | 
 أَبياتُهُ , و القَوافِي تَنثَنِي هُزُؤا | 
مِن زَفرَةِ الرَّملِ , مِن حُزنِ الرَّمادِ , و مِن  | 
 خَفْقِ الأَخادِيدِ  رُوحِي تُخرِجُ الخَبَأَ | 
لا هُدهُدٌ زارَني يَوماً , و لا كَشَفَت  | 
 عَن ساقِها مَن أشاعَت في دَمِي سَبَأَ | 
وَحدي تَشَكَّلتُ مِن ماءِ الحُرُوفِ , و في  | 
 رَحْمِ التَّناهِيدِ حُزنِي خَطَّنِي نَبَأَ | 
لَمْ أنتَحِب  قَطُّ إلاَّ لِلخِيامِ و قَد  | 
 ألقَت  بِحُلمٍ لِشَوقٍ لم يكُنْ كُفُؤا | 
و لا تَلَفّتُّ إلاَّ طالِباً وَجَعَاً  | 
 أو باحِثاً عَن كَفِيفٍ جُرْحَهُ وَطَأَ | 
يا بَابُ يا بَابُ هذا الطِّفلُ يُشبِهُني  | 
 قالت عَجُوزٌ , و راحَت تُشْهِدُ المَلأَ | 
و أَقسَمَتْ .. ثُمَّ لَمَّا شاهَدَت وَجَعِي  | 
 يَسِيلُ مِن كُلِّ حَرفٍ .. أوْمَأَتْ خَطَأَ | 
و جَاءَ شَيخٌ بِعُكَّازَينِ .. يَسأَلُ عَن  | 
 طِفلٍ بِعَينَيهِ شَعبٌ حُزنُهُ اهتَرَأَ | 
و مَدَّ يُمْناهُ نَحوي كَي يُصافِحَني  | 
 و حِينَ أيقَظتُ قَلبي للسَّلامِ .. نَأَى | 
ما كُلُّ مَن رَاوَدَ الأحزانَ مُرتَضِعاً  | 
 مِن نُونِها , كالذي بالحُزنِ قَد نَشَأَ | 
عِندي مِن الحُزنِ ما لَو أُفرِغَت بِفَمِي  | 
 كُلُّ البِحارِ , و كُلُّ السُّحْبِ ما انطَفَأَ | 
يا نافِخَ النَّايِ في صَدري على عَجَلٍ  | 
 هَلاَّ تَمَثَّلتَ رِيحاً تَنفُخُ الحَمَأَ | 
هَلاَّ تَقَاطَرتَ في رُوحي ملائِكَةً  | 
 تَجتاحُني , فتُذِيبُ الرَّانَ و الصَّدَأَ | 
هَلاَّ تَوقَّفتَ عَن طَرْقِي بأُحْجِيَةٍ  | 
 لا بانَ لي وَجهُهَا النَّائي , و لا اختَبَأَ | 
مَرَّت على البابِ أَجيالٌ و أزمِنَةٌ  | 
 و لـَـم أَزَل لا أرَى إلاَّهُ مُلتَجَأَ | 
و حدي على البابِ و الشَّكوى تُلَقِّنُني :  | 
 يَستَفحِلُ الجُرْمُ إنْ لم يَنطِقِ البُرآ | 
الغُربَةُ الآنَ أُمِّيْ , و الضَّياعُ أَبي  | 
 و الحُزنُ يا بابُ مَن رَبَّى و مَن كَلأَ |