قال لها بتأثر وهو يساعدها في قفل حقيبة السفر الصغيرة الأنيقة ..
سأفتقدك كثيرا عزيزتي. أغر ورقت عيناها بالدموع ..قالت: إنها بضعة
أيام معدودات ـ أنت تعلم إنني مجبرة على هذه المهمة ـ لولا هذا ما تركتك
أبداً. قال لها متداركا: لا .. لا شغلك ومستقبلك أهم من كل شيء , لا بد أن
تثبتي لهم إنك جديرة بثقتهم ـ سأحاول تدبير أمري, فلا تهتمي.
قالت بانفعال: لقد فكرت في كل شيء, ملابسك نظيفة ومكوية, وقد أعددت
لك وجبات في البراد, ما عليك إلا تسخينها في ( المايكروويف ) , وإذا
احتجت أي شيء .. قال لها مقاطعاً : لا تخافي أيتها الحبيبة ـ أستطيع تدبير
أموري ـ فكري في نفسك .. ألم تنسي شيئاً .. هل أوصلك؟؟
قالت: سيارة الشركة قادمة لتقلني وزملائي إلى المطار .. بعد دقائق جاء
السائق فودعها وداعاً حاراً متمنياً لها كل التوفيق في مهمتها.
أقفل الباب .. وإذ به يهيم راقصاً على أطراف أصابعه كراقص الباليه ـ
ويثب وثبات مضحكة مغنياً ومنشداً بصوت عالٍ: حرية .. حرية ..
وأجازة زوجية , تحيى .. تعيش الحرية .. ما أجمل طعم الحرية.
أياما معدودات ؟؟؟؟ فلتأخذي راحتك أيتها الزوجة الحبيبة ـ وعلى أقل من
مهلك ـ كم أنا في حاجة إلى هذه الأجازة .
سأقلب كل شيء رأس على عقب ـ أنام النهار وأسهر طوال الليل ..
سأجعلها ليال حمراء ـ حمراء ؟؟ لا .. لا أريدها حمراء فزوجتي تكفيني
فلتكن زرقاء .. خضراء .. أي لون ـ إلا هذا اللون الرمادي الكئيب ,
سأتمرد على تلك الرتابة المملة, وكل شيء بميعاد ونظام ـ سأعيش أياماً
من الفوضى اللذيذة, سأبحث عن أصدقائي القدامى, نتجول في الشوارع
نجلس على المقاهي , سألعب الكرة , سأنطلق , سأ ...
قطع تفكيره رنين متواصل على جرس الباب .. فتح .. وجد زوجته واقفة
فاتحة ذراعيها مبتسمة ابتسامة كبيرة قائلة بسعادة: مفاجأة
حبيبي .. لقد استطعت الانتصار على أنانيتي , لقد فضلتك على كل شيء
أنت أهم عندي من شغلي ومستقبلي ومن كل شيء
توقعت أن يأخذها بين أحضانه مرحباً .. ولكنها سمعت ( طاخ ـ بوم )
لقد سقط المسكين أرضاً من هول المفاجأة .. ومن شدة سعادته.



رد مع اقتباس
