اليأس
كصخرةٍ جلمودٍ سقطتْ على صدري من أعلى جبلٍ شاهقٍ ممتداً بالسماءِ فأطبقتْهُ بظهري دونَ رحمةٍ من شدَّةِ ما أشعرُ بهِ من ضيقٍ وحَرَجْ .. أُقلِبُ وجهي فى السماءِ كأنما أريدُ من الله أن يبلغني قبلةً من الصفوِي المرتجى فأرضاها .ولا حيلةً لي . وأنا كالممزقِ الأطراف . صارَ يحبو عجزاً داخلَ نفق مُظلمٍ مُظلمْ ، فأُحاولُ استجماعَ شتاتي كي أعرفُ للصمودٍ معنىً فألوذُ بهِ ، ولكنني كما الغريقُ عندَ تلكَ اللحظةِ التي يختلِطُ فيها الموتُ برمقِ الحياةِ الأخير ليسلُبَهُ أسبابُ بقائِهِ . ويَظهَرَ عليهِ بأسبابِ العدم .. يُحرِّكُ الأناملَ كأخرِ عهدِها بالحياةِ ولا يدري أنه قد أُحِيطَ بهِ .
يقولونَ أنَّ خُطوةً واحدةً يخطُوها اليأسُ فى قلبِ العاشقِ تُدنيهِ من عقلانيتهِ المفقودة ، وتُقصِهِ عن وهم الحب عندما يصيرُ مبتورَ الأطراف.. مُمزَّقَ الوصلْ ، ينمو من جهةِ الخيال . ويأكُلُ الجدبُ ما تقدَّمَ منه من جهةِ الواقع بين فكي الحرمانِ السرمدي ، فمالي ـ وقد غَبَرَ لي عمراً بفلاةِ اليأسِ القاحلةِ ـ كجوادٍ طَفِقَ يكبو كلما اعتدل . ونفسي خاويةٌ على عُرُشِها بقدرِ مايموجُ فيها من بواعثِ الفكر التي تصطلِمُها الحيرةُ والدهشة ، فأراني مُسترجِعاً لذعاتُ ألمي .. أُرِيدُها كصدمةٍ كهربائيةٍ لتُنعشَ هذا النبض المتوقفُ فى عروقي ، غيرَ أنَّ اليأسُ جائِراً حدَّ اللامزيدْ ، فلا تبقى أمامي غيرَ ومضةِ اليقينِ التى تقولُ لي ( لا تكفر)
فأُردِدُ من بعدْ
( إنّّ معي ربي سيهدينْ )
فإن لم يقتلني اليأسُ ويُحِسِنُ القِتْلةَ فلن .. أقتُلُ نفسي

بقلم / محمد وسيه حسن
__________________