شظايا
د. أيمن العتوم
أُمَوْضِعُ اللَّيْلَ فِي قَلبي وَأَأْتَلِفُ
والحُزنُ يَثقُبُ أنفاسي، وَأَلْتَحِفُ
تناثَرتْ مِنْ شظايا الدّمعِ أَسْئِلتي
ومِن مَحاجِرِ حُزنِي سَالَتِ النُّطَفُ
رُوحِي تَداعَتْ، فَلَمَّا اسَّاقَطَتْ وَقَفَتْ
فَأَسْقَطَتْهُمْ بِوَهجِي كُلّما وَقَفُوا
كَأنّها العَطَشُ المَنفِيُّ مِن زَمَنٍ
لاقى فَأَخْصَبَ، وابْيَضَّتْ بِهِ السُّجَفُ
إِذا اشْرَأَبّتْ فَطالَت، أَبْرَقَتْ فَوَفَتْ
فَأشْبَعَتْ، أَشْغَفَتْ ما كانَهُ الشَّغَفُ
ماتَتْ خَلايايَ، مَاتَ المُنتَهى ... وَأَنَا
شُروقُ شَمْسِي، وَشَمْسُ الذّاتِ تَنْكَسِفُ
لقدْ رَجَعْتُ وكانَ العِجلُ رَبَّهُمُ
فَكُنتَني مِثلَ مُوسَى اغْتالَنِي الأَسَفُ
جَرَرْتُ لِحْيَةَ (هارونٍ) أُسائِلُهُ
لِمَنْ ضَعُفْتَ إِذا هُمْ كُلُّهُمْ ضَعُفُوا
إنْ يَقْتُلوكَ، لقدْ بلّغْتَهُمْ، وَلَهُمْ
مَا أَعْرَضُوا أَوْ تَعامَوْا أَوْ هُمُ صَدَفُوا
مَنْ يَحْمِلِ الفِكْرَةَ الغَرَّاءَ فِي دَمِهِ
يَمُتْ بِهَا وَاقِفًا كَيْ يَسْلَمَ الهَدَفُ
أَنا عَوَالِمُ أَحْزَانٍ مُخثّرةٍ
دَمِي الصَّهِيل، وَأَوْجَاعِي هِيَ الشُّرَفُ
فَمَنْ تُرَاها مِنَ الأَوْجَاعِ تُنْقِذُنِي؟!
وَلِلأَسَاةِ عَزِيْفُ الجِنّ إِنْ عَزَفُوا
بَحْرٌ عُيونُكِ لا شُطآنَ حَوْلَهُما
وَكُلّما غُصْتُ في عَيْنَيْكِ أَغْتَرِفُ
أَتِيْهُ.. أَغْرَقُ... أَنْهَى.. أَنْتَهِي... وَمَتَى
تَعِبْتُ يَحْمِلُنِي فِي بَطْنِهِ الصَّدَفُ
لَمْ يَكْشِفِ السِّرَّ إِلاّ أَنْتِ يَا قَلَقِي
وَلَمْ أَكُنْ قَبْلَ هَذا اليَوْمِ أَنْكَشِفُ
إِنّي أُجِيْبُ طُيورَ العَيْنِ إِنْ سَأَلَتْ
فِيْمَنْ أَدُوْخُ؟ بِأنّي فِيْكِ. أَعْتَرِفُ
وَخْزُ الحَنينِ، وَأَشْواقِي، وَثَرْثَرَتِي
وَخُضْرَةُ القَلْبِ، والحَيْرَاتُ، وَالرَّعَفُ
رَعْرَعْتِني بَعْدَمَا لَمْلَمْتِ بَعْثَرَتِي
وَكُنْتُ قَبْلَكِ كَالأَطْفَالِ أَنْحَرِفُ
يَا وَرْدَةَ القَلْبِ يَا ذَاتًا مُحَرَّمَةً
قُرْبَانُ نَزْفٍ، حَنانٌ، لَوْعَةٌ، كَنَفُ
قِدّيْسَتِي لَمْ يَعُدْ شِعْرٌ فَأَكْتُبَهُ
لَكِنّنِي لَمْ أَزَلْ فِي اللَّيْلِ أَرْتَجِفُ
أَصَابِعِي، رَعَشَاتِي، أَدْمُعِي، نَفَسِي
وَآهَتِي، شَهَقَاتِي ... الجُوْعُ، وَالتَّلَفُ
رَحَلْتُ بَعْدَكِ وَالآياتُ تُخْبِرُنِي
أَنِّي لِذَنْبِكِ طُوْلَ العُمْرِ أَقْتَرِفُ
وَكُنْتُ بَحْرًا مِنَ الحِرْمَانِ فِي وَطَنٍ
أَبْناؤُهُ مِنْ شَغَافِ البُؤْسِ قَدْ نَزَفُوا
راياتُهُ فِرَقٌ ... ذَرَّاتُهُ مِزَقٌ
آلافُهُ خُلُفٌ ... أَخْلافُهُ أُلُفُ
تَنَفَّسَ الحُزْنُ مِنْ رُوحِي وَمِنْ رِئَتِي
وَلَمْ تَزَلْ أَحْرُفِي بِالدَّمْعِ تَعْتَصِفُ
فَلا تَخافِي إِذَا مَا البَحْرُ هَاجَمَنِي
وَبِي (كَيُونُسَ) بَطْنَ الحُوتِ قَدْ قَذَفُوا
فِي بَطْنِهِ، فِي الزَّوَايا السُّودِ قَدْ لَمَعَتْ
عَيْناكِ نُورًا، فَمَاتَتْ دُونَهَا السُّدَفُ
يا حَيْرةً مِنْكِ مَا انْفَكَّتْ تُسائِلُنِي
مَتَى أَعُودُ ؟!!! وَفِي أَعْمَاقِهَا اللَّهَفُ
لا تَسْأَلِيْنِي تَرَكْتُ الحُزْنَ يَنْهَشُنِي
وَالدَّمْعَ يَذْبَحُنِي، وَالهَمَّ يَخْتَطِفُ
لَقَدْ وُلِدتُ (كَعِيسى) – نَفْحَةً – وَأَنَا
أَعُودُ حِيْنَ يَشاءُ اللهُ وَالسَّعَف