|
قالوا: زَمَانُكَ؟ قلتُ ليسَ زَمانِي |
كلاَّ، ولا هذا المكانُ مكانِي |
لَمْ تعرفِ الأقمارُ يوماً مَوْطناً |
لِيَكُفَّ أَقْدَمُهَا عَنِ الدَّوَرَانِ |
فَامْلأْ فُؤَادي بِالنّشيجِ فَإِنّهُ |
سُلْوانُ مَنْ يشكو مِنَ السُّلوانِ |
فأنا أقاسي غُربَةً في موطني |
وطني لهم، وأنا بِلا أَوْطَانِ |
وأنا وَحَقِّكَ ليس لي مِنْ عَاشِقٍ |
إلاّكَ يا وطني فَلُذْ بِكِيَاني |
يا موطني .. يا موطني .. يا موطني .. |
شجنٌ على شجنٍ على أشجانِ |
(إنّي أُحِبُّكَ) كلّما ردّدتُها |
جَرَتِ الحروفُ نَدِيَّةً بِلِسَاني |
قبّلْتُ وجهكَ يا طهورَ ترابِهِ |
وَضَمَمْتُه كالعاشق الولهانِ |
وَفَدَيْتُ أُرْدُنَّ الهوى وَهَوَيْتُهُ |
حَتَّى هَوَى الأُرْدُنِّ قَدْ أَرْدَانِي |
أرثيكَ ؟ |
! أم أرثي الذين تحوّلوا |
هم ضَيَّعُوكَ وَضَيَّعُوا أَحْلامَنا |
ونَمَوْا على زَمَنٍ مِنَ الخُذْلانِ |
لم يعرفوكَ بغيرِ ما سلبوكَ |
فَامْنَحْنِي إذاً شيئاً مِنَ الهَذَيَانِ |
سرقوكَ لستَ بموطنٍ إلا إذا |
حَسِبُوا حِسَابَ الرِّبْحِ وَالخُسْرَانِ |
ما كنتُ أَحْسَبُنِي أعيشُ لكي أرى |
هذه البلادَ تُباعُ بالمجّانِ |
قبضوا على ثَمَنِ البلاد وروّحوا |
وَقَبَضْتُ مُنْفَرِدَاً عَلَى قُضْبَاني |
وَصَرَخْتُ أَنَّ الأرضَ ليستْ سِلْعةً |
حتى تُباعَ بِأَبْخَسِ الأَثْمَانِ |
أنا يا بلادي كلّما أبحرتُ في |
سُفُنِ المحبّةِ، عَقَّنِي رُبّانِي |
وَلَقَدْ يَمُوتُ الحزنُ عِنْدَ مَمَاتِنا |
وَيَجِيْءُ بعدَ الموتِ حزنٌ ثانِ |
أنفقتُ عُمْرِي في هَوَاكِ وليتَ لي |
عُمُرَاً جديداً في هواكِ يُعاني |
أخفيتُ وجهي عنكِ حتّى لا تَرَيْ |
وجهاً يزيد الهمّ في الوجدانِ |
ولمن سأشكو؟ والذين شكوتُهم |
حزني، أضافوه إلى أحزاني |
ما جَرَّبوا عِشقي ولو هُمْ جَرَّبُوا |
ذابُوا وَحَنُّوا في الهَوَى تَحْنَاني |
يرقى الهوى بالعاشِــــقِيْنَ وإنّنِي |
كوفِئْتُ – رغم الحبِّ - بالحِرْمَانِ |
سَـجْنِي وَمَحْكَمَتِي وَفَصْلِي، هَلْ تُرَى |
كانتْ مُكَافَأَتِي عَلَى إِحْسَاني؟! |
تقفو الذئابُ قَصَائِدي، ويطيرُ مِنْ |
فَرَحٍ لِقَيْدٍ في يَدِي سَجّانِي |
وَعَلامَ؟ ليسَ لديّ إلا قطعةٌ |
يَدْمَى بِنَزْفِ حُروفها ديواني |
أنا طائرٌ غنّى فَأَشْجَى، مَنْ رأى |
شَجَرَاً يُحَاسِبُ طَائِرَاً لأَغَانِي |
واللهِ لَوْ مَلَؤُوا فَمِي سُــمّاً وَحَـزُّوا |
أَضْلُعِي، أَوْ قَطَّعُوا شِرْيَانِي |
ما بِعْتُ دِيْنِي، أَوْ طَعَنْتُ عُرُوبَتِي |
أَوْ خُنْتُ عَهْدِي، أَوْ كَسَرْتُ سِنَانِي |
فَجْرِي أَمَانٌ، وَالذينَ تَقَافَزُوا |
حَوْلِي، لَهُمْ لَيْلٌ بِغَيْرِ أَمَانِ |