كنت أناقش ذات يوم مع طالباتي درس قطعة قراءة بعنوان (المسلمون في الصين).قرأت الطالبات القطعة وجاوبن على أسئلة الفهم و كان آخر سؤال هو:هل يمارس المسلمون في الصين الآن شعائرهم الدينية بحرية؟
قرأت إحدى الطالبات الإجابة من القطعة .توقفنا هنا فسألت الطالبات :ماذا تعني الحرية يا بنات؟
قالت إحداهن:الحرية هي أن أفعل ما أشاء(الحرية يعني أسوي اللي أبغى ولا يدخل فيني أحد)
قلت :تفعلين ما تشائين هكذا وبدون قيود .أجابت الطالبات النجيبات اللاتي يجلسن في الصف الأمامي :لا ولكن وفق ضوابط و أحكام.
سألت:من أين نستمدها؟
قلن:من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم
.
قلت:بارك الله تعالى فيكن.......
لماذا يا بنات لا نتأمل قصة يوسف عليه السلام عندما أبى أن يطيع امرأة العزيز سيدته و النسوة اللاتي آزرنها فهددته امرأة العزيز وخيرته بين أمرين :إما أن يفعل ما تأمره أو أن يسجن ؟كانت ترى بأن السجن هو سجن الجسد فأرادت أن تعذبه .و لكن يوسف عليه السلام قال:"رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه و إلا تصرف عني كيدهن أصبو إليهن و أكن من الجاهلين ."كان عليه السلام يرى ببصيرة النبي العارف بالله عز و جل أن العذاب هو أن يعيش في ظل ضغوط قاسية تريد دفعه إلى ارتكاب الخطيئة و فتنته عن دينه و تدنيس روحه و قلبه .حريتهم سجن وسجنهم حرية ؛ففي حريتهم يكون أسيرًا للشيطان تكبله قيود العبودية لغير الله تعالى و تثبته أغلالها في الأرض و تجذبه للأسفل .أما سجنهم فهو فضاء رحب تحلق فيه روحه نحو بارئها فتبقى سماوية علوية طاهرة نقية .فكان سجنهم منبرًا للدعوة للتوحيد."يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار."سلوكه المثالي في السجن و أخلاقه الراقية كانت تعبيرًا عن حريته الحقيقية التي قادته لأفق أوسع من قصر امرأة العزيز فقد أخرجه الملك من السجن و أعلن براءته على الملأ و جعله على خزائن الأرض
.
إذن ما هي الحرية؟

الحرية هي التخلص من عبودية ماسوى الله تعالى ومن رق الهوى و الشهوات.