كم أهوى الرحيل بعيدًا , بعيدًا لأنفض عني

وعثاء دنيا مات فيها الجمال موؤدًا تحت

رماد براكين الأنانية البشعة التي تقذف حممًا

تتفجر ليل نهار,وتحيل الحياة إلى نارحمراء ,

ودخان أسود.مناهل النقاء رُدمت.الأحاسيس الإنسانية

رَكدت ,وأسنت.دمع اليتامى لا يجف ,و البؤس

لا يفارقهم,والفقر نديمهم . جراح المحرومين

تنزف حزنًا,والغم يظلهم,والألم لايبرح أرضهم.

أنى لي أن أمد يدًا إذ لا معين,و لا من يحمل قلب

بشر.تبًا لها من قلوب قاحلة,نضبت فيها الشفقة,

فلا ماء,وطير,ولا شجر .أصرخ دومًا:مللت البكاء.

سئمت الحسرة . شلني النصب,وأضجرني الوصب .

وأفر من عالم الإقتار هاربة إلى عالم القُمْرية المطوقة

الأليفة حيث يتبدى جوهر الحسن متلألأ

في منتهى البهاء ,والروعة.ينبض التفاؤل في صميم

ذاتي,و تستيقظ في كياني جل المعاني النزيهة

حينما تغرد بعذب الفضائل متنقلة بعفة ,ورقي

من فننٍ إلى فننٍ, ويسمو معها الأمل مسرورًا

كلما حلقت عاليًا في سماء الإيمان ,والتقى,وهوت

إلى مجالس أولي النهى.

همها -لا غاب نجمها- الله , والدار الآخرة.

تجوب أجواء الدنيا مطمئنة , راسخة الفؤاد ,

ثابتة الجنان,كريمة الروح ,زكية النفس.

وجهها بالإيمان نيرًا,و عيناها تنضحان بما ضمت

جوانحها الدافئة الحانية من وفاء ,وتضحية,

وإيثار.تسير على البسيطة كأنها الغيث إينما

حل أهدى البركة,والنقاء ,و الخير العميم. لا تعلوها

ذرة غبار من كسل ؛ لا ترى إلا و هي تمسح

دمعًا ,و تجلو همًا , و تبسط كفًا ,و تنشر علمًا ,

و تغرس غرسًا .تغدو , وتروح ,تسعى لترى وجه

الأرض أخضر , باسمًا, عامرًا ,تكتنفه

المودة, والأمان , والتصافي ,والوئام .

قرة العين هي, في صحبتها السلامة,

وهي الجليسة حقًا و لا ندامة.