قد أكون متطفلا وقد أكون متسرعا الا انني احببت منتداكم وهذه تكفي كشفاعة
كان علي أولا أن أقرأ وأقرأ ثم بكل خجل ارسل مشاركة من مشاركاتي الضعيفة والركيكة
ولكني تسرعت باطلاق الركاكة علها على الأقل تعجبكم الفكرة القصة التالية هي أول قصة أكتبها

(
في احدى الليالي الساكنة وفي أول الشهر القمري حيث القمر مازال خجلا أن يظهر لم تبد منه الا عيناه وشِقاً من جبهته يميل على جنبه كعذراء في خدرها تنظر حياءا من نافذتها تراقب ماحولها

وفي احدى القرى النائية حيث يربطها بالعالم الخارجي طريق ترابي يمر بطرف جرف هاو وفي الجانب الآخر تعلوه قمم التلال يتكسر في أكثر أطرافه لاتستطيع السير فيه الا السيارات ذوات الدفع الرباعي باستثناء الدواب والتي كانت وسيلة النقل المعتمدة لجل سكان القرية حيث لم يكن في القرية الا سيارة واحدة لم يبق منها الدهر أكثر مما أكل

ولكن مايميز هذه القرية طيبة أهلها وسذاجتهم فكلهم أبناء عمومة يستيقظون صباحا وعندما تشرق الشمس يذهب صاحب الأرض الى أرضه والتاجر الى تجارته عفوا أقصد العم عدنان فهو التاجر الوحيد في القرية وهو نفسه مالك السيارة صاحبة الشهرة ولايلبثوا أن يبيتوا عند غروب الشمس فلا تجد أحدا يسير في شوارع قريتنا وحتى هوام الليل تبيت عندنا ليلا ورغم أن جميع أطفال قريتنا يعتبرون هذا الجو مثير للاشمئزاز والملل وطالما تمنوا أن يذهبوا الى المدينة ويمشوا في شوارعها ويذهبوا الى محلاتها فالمحظوظ منهم هو من ذهب يعتاد الطبيب هناك
الا أنها كانت نعمة من نعم الله علينا فهذا السكون والأمان الذي يعيشه أهل القرية كانوا يحسدون عليه ولا زلت أذكر جدي حين كان يتكلم عن القرية أنها كنظامنا الشمسي فكل كوكب يسير في مساره المرسوم له ولايحيد عنه قيد أنملة

قد تستغربون ذلك ولكن جدي كان من القلائل المتعلمين في هذه القرية وكان الجميع يأتون اليه ليحكم بينهم ويشير عليهم فقد كان كبيرهم
وفي الليلة سالفة الذكر قرع بابنا رجل غريب قد أجهده السير وصعوبة الطريق أستقبله والدي وقدم اليه مانعتبره واجبا علينا حتى لو كان ابليسا زائرنا من طعام وضيافة وبشاشة استقبال

ناداني والدي كي أعد مكان نوم ضيفنا فنظرت اليه هو غريب فعلا شكله ولون بشرته أذكر أنني رأيت واحدا يشبهه في ذلك الجهاز عند العم عدنان الذي يعرض أخبارا وكلاما لاأفهمه يجلس وجدي يتناقشان فيه ساعات طويلة
في اليوم التالي أتى الناس للسلام على جدي وشرب القهوة عنده كعادتهم فدخل والدي مع الغريب الذي لم يكن قد رآه جدي في الليلة السابقة تغير وجه جدي وشعر بعدم الارتياح ولكنه قام وسلم عليه ورحب به ثم تداول الجميع الأحاديث وتعرفوا على الغريب الذي انقطعت به الطريق وانقلبت سيارته في الجرف على الطريق القادم من المدينة وخسر كل شيء مع سيارته ولم يعد لديه مايقتات منه فتأثر الجميع لحاله ولكن كعادة القلب الريفي الذي ينمو كشجرة تحتضن الجميع ظلالها وكأم رؤوم ترشق الجميع بنظرات حنان وعطف فيرتشفونها بأناة وروية يشعرون بالدفء يلتفون حولها ثم بنطلقون الى حياتهم سعداء منح جدي الغريب أرضا ليزرعها ويقتات منها وبنى له بيتا يؤويه وبدأ حياته كفرد من أهل القرية ثم بدأ يتقرب من الناس حتى أحبوه فقد كان ذا أسلوب ساحر وصاحب لسان معسول وكان يعمل بجد حتى غدا من أغنى أغنياء القرية وكان يحضر الهدايا للجميع ثم بنى له قصرا بطرف القرية وأحاطه بسور عظيم وعدد هائل من الكلاب التي كانت تزعج الناس نباحا ولكنهم تقبلوها وصاروا يأتون اليه ويكثرون من زيارته حتى أن جدي لاحظ أن أبناء عمومته انصرفوا عنه الى الغريب الذي آواه فلم يعر ذلك بادي اهتمام يذكر حيث أنهم لايقطعون أمرا دونه

توالت الأيام ودارت السنون وقريتنا كحالها يوم روتيني وعمل مجهد الى أن أتت تلك الليلة السوداء عندما بدأ الناس يتصايحون بما حصل للعم عدنان فقد كان الغريب قادما من المدينة مع صديق له فرأى على حد قوله سيارة العم عدنان تميل على حافة الطريق وتسقط في الوادي العميق والذي كان يطلق عليه وادي الموت لما فيه من ضواري وتضاريس صعبة فذهب الجميع يتهافتون كي ينقذوا العم عدنان ولكن قد فات الأوان فقد ذهب الى رحمة الله

توالت على القرية أيام حزن على وفاة العم عدنان والتي كان جدي يصر على قوله مقتل ابن العم عدنان ويبكي بكاءا مريرا تتفطر له الأكباد بكاءا يحوي في طياته حياتهما سوية ولكنها مسطرة على صفحة الملامة وكأنه يلوم نفسه أن لم يكن بجانبه يذود عنه من قاتليه بل ويموت معه فما من داع لحياة ماءها قد أكله الصدأ وشمسها يأكلها الليل حياة يحكمها قانون الغاب

بدأت صحة جدي تتدهور رويدا رويدا وكان يرفض الذهاب الى أي طبيب الى أن توفاه الله حزنا على فراق ابن عمه (العم عدنان)

تجدد حزن القرية على فراق جدي الذي كان سندهم وكبيرهم وأحسوا بفراغ كبير بعده ثم بدأت أحداث غريبة في القرية من فقدان أشخاص وسرقات وقتل ........

كل ذلك جعل الناس يشعرون برعب شديد و داخلهم شعور بالعجز فما وسعهم الا أن يلجأووا الى الغريب الذي كان قصره يعج بالأغراب من شاكلته والذي كان يستغل مصائب الناس فيشتري من الورثة أراضيهم وحتى أنه اشترى دكان العم عدنان بعد موته بيومين اثنين فقط ,
ذهب اليه أهل القرية وشكوا اليه حالهم ففكر مليا ثم أشار عليهم باقتناء كلاب تحرسهم ففعلوا واشتروا منه كلابا كثيرة من كلابه فلم يعد في القرية بيت يخلو من كلب حراسة حتى غدت قريتنا مزرعة كلاب

عاش الناس بعدها أياما عديدة بسلام وعادت الحياة الطبيعية الى القرية ولكن ذلك لم يدم طويلا فعندما أمن الناس مع كلابهم وفي ليلة بياضها أحلك من سوادها وثلجها أقذر من وحلها سرقت القرية كلها وقتل من قتل ولم يبق الا الأطفال الذين حكوا لأحفادهم أنهم مازالوا ينتظرون كلابهم كي تنبح

)