حمم الصمت
ج 2



رسالة استدراكية إلى المتنبي

**
حين أقارن أوضاع العرب زمن نظم الجزء الأول
بزماننا هذا أرى أننا نُكبنا عشرات أضعاف نكبات
تسعينات القرن الماضي ..بما يبدو معه ذاك الزمان نعيما:
بغداد لم تسقط. ولا ذبحت ليبيا. ولا نزفت سوريا .
ولا ..ولا تدعّش إسلامنا
فكان لا بد من مهاتفة للمتنبي من جديد


*
يــا مــن هـــواكَ الـحــرفُ والـقـلـمُ
مـــا عـــاد مــــن أحـبـابـنـا الـقـلــمُ
.
يـــــا عــاتــيــا عـــنّـــت نــوائــبُــه
يـــا سـيــد الـقـرطـاس يــــا عَــلُــمُ
.
هـذا صـراخ الـطّـرْش وا أسـفـي ؟
فــي هامِـنـا كَــم عـشّــش الـصَّـمـمُ
.
غبرتْ قرون الصمت فـي خـلّـدي
والــقــومُ فــــي سـكَـراتـهـم غَــنــم
.
وطـفــا الـنـفـاق بـأرضـنـا وخَــمــا
يــــا عــارنــا يــــا أيــهــا الــوخَــم
.
عـــن حـقـنـا خَــرِســت حـنـاجـرنـا
وتـبـكَّـمـت شــفـــةٌ وجـــــفّ فـــــمُ
.
وتـمــرّغ الـقـرطـاس مـــن زمــــن
فــي الـوحْـل لــم يُكـتـب بـــه كـلِــم
.
وتـفـجّــرت فــــي درْبــنــا مِــحـــنُ
أهْـــوالُـــهـــا الإذلال والـــــرَّغَـــــم
.
شـيَــمٌ تـنـاغـي مَـــن يــحِــنّ لــهــا
أنّـــى لـنــا الـتّـحْـنـانُ يــــا شــيــم؟
.
مــا نـحـن غـيـرَ فـتـات مـسـخـرة:
طـــمــــع وبــهــتـــان ولا ذمــــــــم
.
وتـأبْـلـس الـحـكّــام فــــي وطــنــي
وغــــدت هــــراءً عـنـدهــم هــمــم
.
بلغـوا المعـالـي فــي الخـنـوع بـنـا
وعـلــى قـفــا أخـيـارهـم وشَــمــوا
*
يـــا قـاهــر الـحـمَّــى وحـرقَـتِـهـــا
الـنــارُ فـــي الأحــشــاء تـضـطــرم
.
فـأنــا المُـعَـنَّـى بـالـهـوى كــلِــفٌ
وأنــــــا الـسـقــيــم دواؤه ســـقَــــم
.
وأنـــا الـــذي التـهـبـتْ لــــه كــبــدٌ
مــن حـرّهـا سُقِـيَـتْ دمــي الحُـمـم
**

يـا ليـت لـو تــدري الــذي صنـعـوا
بــأخــيّــةٍ وأبٍ ومــــــا عُـــدِمــوا
.
عبثـوا بـنـا.. بَــلْ هــم لـنـا هـتـكـوا
الأعـراض مــا صُــدّوا ولا كُـدِمـوا
.
حــالــت جــنــانُ الــشــام مـقــبــرةً
ومَــداسَ شيـطـان كـمـا ارتـسـمـوا
.
وغـزا الخفافــيـش الحمـى همَـجًـا
لــــم يــبــق إلا الـفــحــمُ والــعـــدمُ
.
وبَـغـتْ ريــاحُ الـحـقـد فـــي يـمَــن
الــــكــــلُّ مــســـعـــورٌ ومــنــتــقِــم
.
وهـوت طرابـلـسٌ عـلـى نواجـذهـا
وتــصــدّع الـبـنـيــان وانـقـسـمــوا
.
نهـشـوا الـعـراق وأثـخـنـوا عـفـنـا
وهــوى بـنــا الـعـمـلاق .. وا ألـــم

**
يــا سـيِّـد الـشـرف الأنـــوف أفـــق
واصــدح بـدائـي لــو يـعـي الـبُـهُـم
.
عــذْبُ الـفــرات بِـحـوضـه ولَـغُــوا
وعــلــى أسِـرّتـنــا زنَــــى عــجَـــمُ
.
.دكّوا البِنَا..سرقوا المُنى..نكحوا..
وتهـافـتـوا شـبَـقـا ومـــا احتـلـمـوا
.
وترجـرجـت ريـحُ الخـنـى صُـعُـدا
وتغـوّطـوا فيـنـا ومــا احتشـمـوا .
*
*
يـا صـاح قـد شظِيَـتْ لـنـا مـهـجٌ .
أشـــلاؤهـــا بـــــالآه تــضــطـرم
.
حـتــى الـمُـنـى افـتـضُّـوا بكـارتـهـا
وعـلـى قفـانـا الهُـمْـجُ قــد جثـمـوا
.
بــــات الـجـهــاد نــكـــاح غـانــيــة
"تـوحــيــدُ ربٍّ" شـــانَـــه عَـــلَـــم
.
نصبـوا المذابـح للرقـاب "هُــدًى"
والــديــنُ فــــي قـامـوسـهـم نِــقــم
.
يــــــا عـــهـــد ذُلٍّ داس جـبْـهـتـنــا
أوّاه كــــم بــدمـــي دمـــــي بَـــــرِم
*
*
أواه يــــــــا مـتـنــبــئــي مَـــــــــدَدا
هـل مـن رجـال أم تُـرى انعـدمـوا؟
.
رمَــــزوا بــنــا أشــهــى مــؤخِّــرة
مِـن فـرط مـا فسَقـوا بـهـا بشِـمـوا
.
قــد حُــقّ وصْـمُـك فـــي مذلّـتـنـا
يــــا أمّــــةً هــزِئــت بــهــا الأمــــم
*

صـــلاح داود