ــــ أحاورُ شمعةً ـ ج1ــــــ
سهرت الليلَ في ليلٍ بهيمٍ ** لهُ ليلُ تجَهّدني طويلا
فلم أعرف بأن الكأسَ أصلُ ** لكلّ حمامةٍ صَدحت هديلا
ولم أعرف متى ألقى حبيباً **أضاع رجيعُه فينا السّبيلا
أتيهُ مُفارقاً نفسي و إلّا **كسَرْتُ بها المَحابِقَ والأصيلا
أُحاورُ شمعةً بالرّكن ثكلى** تراقصُ نارُها قلباً عليلا
أقول لها وحرّ الدمع فينا ** يسابقُ صرْخةً تُشفي الغليلا
أيا "كأساً" تُغذّيني انطفاءً ** وتُعطي للهوى نبْضاً مُعيلا!
أنارُ العشق هاذي أم عذابٌ ** تَرنَّح هالةً نبعتْ صهيلا؟
كأن لناركِ بالرّاحِ عهدٌ ** تَطاولَ مُدْرِكاً فيكِ الأُفُولا
أرى الأحزانَ في العَبَرات قدْحاً** يُراكِمُ خِصْلةُ تُنهي الرّحيلا
أضيئي ظلمتي سراً بسرٍّ ** فنجمٌ واحدُ يكفي الصّليلا
وفيضُك واحدٌ مهما تعدّت ** ضروب الشّامتين ندىً صقيلا
وحولي منك أطيافٌ تُداري ** على الجدران أغوتنا قليلا
تُصيخ السمع للكلمات منّي ** إليكِ بما أبوحُ به قتيلا
وقربكِ يعتلي الكأسَ انهيارٌ ** فتقدحُ في الحشا زندا جليلا
فلا أدري وضوؤك قد غشاني ** أبوح الكأس قد أضحى ثقيلا؟
أعود إليكِ مجنونا كقيسٍ ** لأرشفَ من غدٍ يبدو هزيلا
فأُلفي نفْسي الملقاةَ ترنو ** إلى جسدٍ يُمنّيها خليلا
و لكني وجدتك لي حبيباً ** فهل لي أن أرى حُلُمي صقيلا؟
أجاوركِ لنقضي كلّ ليلٍ ** نصُوغ نهارنا عِقداً جميلا
و أحفظُ عهدك الميمون دوما ** كما يحفظْ به الموبوءُ قولا
أجيبيني بردٍّ في احتراقٍ فعلّي **أفقهُ القولَ النّزيلا
سأبلغُ من ضمورِ القدح ماءً ** يميلُ عليّ بالأنظارِ حولا
أجابتني وبوحُ الموت يغلي ** بقَلْبيْنا وداعاً مستطيلا
تهاوى في نظارتِها اكتئابٌ ** وضاهتْ نارُها الصّفراءُ جيلا
حبيبي لا تكن تشقى بعمرٍ ** فناري في الوجودِ رأت مُزيلا
أحاربُ في الظلامِ وذوبُ نفْسي ** يسابقُني فيبكيني أَخيلا
فكيف ستشتهي في النهر نبضاً ** ونبضي للفنا يبقى دليلا
فإن تهوى بياضي فلْتراني ** ببابِ الدّهر أسقيه النّهيلا