صَيَّادُ الحُرُوف


فـي هَـجعَةِ الـلَّيلِ الـطَّوِيلِ السَّادِرِ
يَـجـتَـاحُ خُـلْـوَتَـهُ ضَـجِـيجُ الـخَـاطِرِ

تَــتَـوَارَدُ الأفــكـارُ كـالأسـماكِ بَــيْـ
ــنَ يَـــدَيِّ صَـيَـادِ الـحُـرُوفِ الـمَـاهِرِ

حَـيـرَانَ مــا بـينَ الـخواطرِ والـرُّؤَى
ومَــشَـاعِـرٍ تُــغــرِي بِـصَـيـدٍ نَـــادِرِ

ألْـقَتْ بِـهِ الأقـدارُ في شَرَكِ الهَوَى
فَـــتَــرَاهُ مَـكـتُـوفَـاً بِــبَـحـرٍ زَاخِــــرِ

الــشَّـوقُ لـلُّـقـيَا، وإدرَاكُ الـمُـنَـى
بَــاتَــا كَـأُغـنِـيَـةٍ بِـقَـلـبِ الـشَّـاعِـرِ

وكــأنَّ نَـبـضَ الـقَلبِ فـي كَـفَّيهِمَا
وَتَـــرَانِ رَنَّـــا فــي الـزَّمَـانِ الـجَـائِرِ

طِــفـلانِ يَـقـتَرِفَانِ لَـحـنَاً هَـامِـسَاً
يَـشـتَاقُ بَـوحُـهُمَا سَـمَـاءَ الـطَّـائِرِ

عَــزَفَـا؛ فَــهَـزَّ الــنَّـايُ قَـلـبَاً نَـازِفَـاً
والــوَجـدُ يُـغـرِي بِـالـغِنَاءِ الـسَّـاحِرِ

غَـنَّـى .. وحُـزنَاً حَـشرَجَتْ ألْـحَانُهُ
كَــأَنِـيـنِ مَــحـمُـومٍ بِــجُـرحٍ غَــائِـرِ

مُـتَـأَلِّـمَـاً، مُــتَـأَوِّهَـاً مِــــنْ غُــربَـةٍ
والــشَّـوقُ يَـغـسِلُهُ بِـدَمـعٍ مَـاطِـرِ

ظَــمـآنُ والـمِـلْـحُ الأُجَـــاجُ يَــزِيـدُهُ
ظَـمَأً يَـقُودُ إلـى الـسَّرَابِ الـسَّاخِرِ

يَـطوِي المَدَى طَمَعَاً بِإدرَاكِ المُنَى
كَـمُـسَـافِـرٍ لِـعِـنَـاقِ نَــجـمٍ زَاهِـــرِ

يَـدنُـو .. فَـتَـعثُرُ فـي الـعُرُوجِ بُـرَاقُهُ
بِــبُـرُوجِ حَـــظٍّ كَـالـحَـلِيفِ الـمَـاكِـرِ

فَــيَــؤُوبُ كَــهـلاً حَــامِـلاً ألْــوَاحَـهُ
والـجَـمعُ مَـفتُونٌ بِـعِجلِ الـسَّامِرِي

والــيَـأسُ والآمـــالُ بَـيـنَ ضُـلُـوعِهِ
فَـرَسَـا رِهَــانٍ فــي الـصِّرَاعِ الـدَّائِرِ

أَيُـعِـيدُ نَـسفُ الـعِجلِ عُـبَّادَ الـهَوَى
لـلـرُّشدِ؛ يَـمـحُو وَهـمَ دَهـرٍ غَـابِرِ؟

أَوَّاهُ يــــا حُــلـمَـاً يُـــرَاوِدُ شَــاعِـرَاً
كَـرَنِينِ عُـودٍ فـي الـمَسَاءِ الشَّاعِرِ

مَازِلتَ في غَسَقِ الدُّجَى مُتَبَسِّمَاً
وتَـــرِفُّ حَـولِـي كـالـنَّسِيمِ الـعَـاطِرِ

أتُــرَى أُعَـانِـقُ فِـيـكَ فَـجـرَاً صَـادِقَاً
كـالـعِـيدِ يَـزهُـو بـالـصَّبَاحِ الـظَّـافِرِ؟