ما نَثَّهُ الحَرفُ مِنْ عِطرِها

أتَــتْ بِـصَـحنٍ، وقـالـتْ: جِـئـتُ حَـامِـلَةً
بَـعـضَ الـهَـدَايا، فَـطِبْ نَـفسَاً بِـمَا فِـيهِ
رَنَـــتْ إلَـــيَّ، وكــادَ الـصَّـحنُ يَـسـبِقُهَا
مِــنْ شَـوقِـهَا اضـطَـرَبَتْ شَـوقَـاً أوانِـيهِ
سَـهمَانِ مِـنْ سِـحرِ عَينَيهَا سَبَتْ بِهِمَا
صَــبَّــاً دَنَــــتْ نَــحـوَهُ أحــلَـى أمَـانِـيـهِ
فَـصَـافَـحَتْ رُوحُــهَـا رُوحِــي، وعـانـقَها
قـلـبـي عِــنَـاقَ سَـجِـينٍ فــي مَـنَـافِيهِ
نَـابَتْ عَـنِ الـقلبِ في عَزفِ الهَوَى لُغَةٌ
حَـــكَــتْ عُــيُـونِـي لِـعَـيـنَـيهَا أغَــانِـيـهِ
"فَـقُـلـتُ: نَـوَّرتِـنِـي يـــا خَــيـرَ زَائـــرَةٍ"
عَـــادتِ إلـــى الـصَّـبِّ إشـرَاقَـاً لَـيَـالِيهِ
مـا غـادَرَ الحُزنُ مُذْ غادَرتِ .. فابتَسَمَتْ
قـالـتْ بِـلُـطفٍ: أمَــا انـزاحَـتْ دَوَاعِـيهِ؟
رَدَّتْ بِـبَـسـمَـتِـهـا لــلــعُـمـرِ بَــهـجَـتَـهُ
لاحَــــتْ عــلــى وَردِ خَـدَّيـهـا مَـعَـانِـيهِ
رَشَـفتُ مِـنْ هَـمسِهَا كَأْسَاً، فَمَاسَ بِهِ
غُـصـنُ الـشـبابِ الـذي جَـفَّتْ سَـوَاقِيهِ
فَــأورَقَـتْ جَــنَّـةٌ فــي الـقـلبِ مُـتـخَمَةُ
أُنــسَـاً، وكــانـتْ قَـــدِ اقــفَـرَّتْ نَـوَادِيـهِ
يــا لـيـلُ مــا أسـعَـدَ الـشادي بِـنَجمَتِهِ
والأمــنِــيَـاتُ بِـــهَــا وَصـــــلاً تُــوَافِـيـهِ!
وَدِدْتُ لــــو أنَّ مَــــنْ أحــيَــتْ زِيَـارَتُـهَـا
قــلـبـي، تَــطُـولُ بِــهَـا دَهـــرَاً ثَـوَانِـيـهِ
لــكـنَّـهـا وَمـــضَــةٌ كــالـغَـيـمِ عَـــابِــرَةٌ
ورَاشِــفُ الـغَـيمِ هَـلْ تُـروَى صـحاريهِ؟!
مـــا بَــيـنَ جَـنـبَـيهِ جُــرحٌ نــازفٌ، وبِــهِ
شَــــوقٌ إلــــى مَــوعِـدٍ تَـــالٍ يُــداويـهِ
لا تَــروِ يــا شِـعـرُ مــا يَـشـدو بِـهِ ثَـمِلٌ
قـــدْ يَـجـرَحُ الـبَـوحُ مَـحـبُوبَاً يُـواسـيهِ
فاحفَظْ طُقُوسَ الهَوَى يا صاحِ؛ لِي وَطَنٌ
لا تَـسـكُـبِ الـعِـطرَ حُـزنَـاً فــي مـآقِـيهِ
بَــعـضُ الـقـصـائدِ لـلـذِّكـرَى نُـؤرشِـفُها
أيَـعـلَـمُ الــحَـرفُ مـــا نَــثَّـتْ قـوافـيهِ؟!


ياسين عبدالعزيز