أفـنيت عـمري في الترحال مـغـتربا
مـن بـعد مـا ضيع الأقيال مجد سبا
بـحثت عـن جـنتيها في الرمال فما
آنـسـت كـرمـا ولا نـخــــلا ولا رطــبـا
ســكبت روحــي عـلـى أطـلالـهــا ظمأ
والـكـأس فـارغـة تـستمطر الـسحبا
وعـشت أركض في الصحراء ملـتمسا
مــاء وظــلا وأحـسو قـيــظـهـا نـصــبا
وردت دجـلـة والـعــاصي وقـد جـريا
دمــا ودمـعـا فـشـبا فـي الـحشا لـهــبا
لا النيل يروي ولا النهر العظيم، سوى
دم العروبة يروي الأرض منسكبا!
لا كأس غــير التي بالـمـلـح أشربهـا
حزنا وهل يرتوي بالدمع من شربا؟
كلي جـراح، فـقـل يا من أرقـت دمي
عــلام تقتلني؟ هل تدرك السببا؟!
يا صــاح أين أنا؟ هـل هــذه بلــدي؟
ومن أرى إخوتي أم جحـفـل الـغربا؟
أرض الـعـروبة أرضـي والـشـعــوب أنا
"فمن يعيـد لي الـمجــد الذي ذهـبا"؟
مـاذا سأحـمــل للأجـيــال من سفري
والريح تذرو بوجهي الأمنيات هبا؟
دعني أبيت على موج الخليل عسى
أغـفو عـلى مـتن فـلك تحمل العربا
تـرسو عـلى شـاطئ الأحلام سالمة
فـأعـصر الـحـب والـزيـتـون والـعـنبا
أروي ظـما الـقلب، والمصباح أشعله
نـورا، وتـشعلـني كـأس الـمنى طـربا
عــسـى أعـــود بــزاد قــد يـبـلــغـني
فـي واقـع الـعـرب ما أسعى له طـلـبا
أعـانق الـفجــر فـي الآفـاق محتضنا
جـيــلا يـضمـد جـرحا هـدَّني تـعـبا
أوَّاه يا وطـــنــا بـالـحــــــب أنــشـــــده
تــرى أألـقـاك جــنات وريــح صبا؟
متى سألـقي عصـا الترحال محتفلا
بالضـوء في الأفق الداجي يلوح نبا؟

ياسين عبدالعزيز